Flag Counter

Flag Counter

Sunday, July 23, 2023

The End of Money

إنَّ إسم مارك هيتشكوك(Mark Hitchcock) قد يكون غير مألوف للقارئ العربي, ولكن في الأوساط الكنسية, في الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى, يعتبر مارك شخصية معروفة ومشهورة فهو مؤلف ثلاثين كتابا حول نبوءات نهاية الزمان في الكتاب المقدس. يحمل مارك درجة جامعية في الحقوق ودرجة الدكتوراة من كلية دالاس للدراسات اللاهوتية. كما أنه يشغل منصب كبير القساوسة في كنيسة (الإيمان في الإنجيل - Faith Bible Church), كنيسة تتبع المذهب البروتستانتي مقرها الرئيسي في مدينة إدموند في ولاية أوكلاهوما.

كتاب "نهاية النقود-The End of Money" هو أحد مؤلفات مارك هيتشكوك الذي يتحدث فيه عن مجتمع بلا نقود(Cashless Society) من وجهة نظر دينية-مسيحية ومن واقع الكتاب المقدس حيث يربط بين مجتمع بلا نقود, المسيح الدجال ونهاية العالم.  يتنبأ الكتاب المقدس بيوم قادم عندما يتمكن شخص واحد من السيطرة على اقتصاد العالم بأكمله. ولكن كيف سوف يحصل ذلك؟ ربما تكون لدينا الآن الإجابات. على أرض الواقع ، نصوص الكتاب المقدس والتقدُّم التكنولوجي تخبرنا بأن مجتمع بدون نقود  والإقتصاد العالمي الذي يتحكم به شخص واحد هما أمران لا مفر منهما.

يحاول المؤلف مارك هيتشكوك في كتابه الإجابة على أسئلة مثل: كيف يتم الإعداد لمرحلة الانهيار الاقتصادي وعالم بدون نقود؟ ما هي التكنولوجيا التي تجعل تحقيق ذلك أمرا ممكنا؟ كيف سوف يتمكن المسيح الدجال من السيطرة على الاقتصاد العالمي؟ ماذا سوف يحدث للأشخاص الذين يحاولون مواجهة كل هذا الاضطرابات والفوضى؟

مجتمع بلا نقود أصبح أمرا واقعا بدأ بالتسلل الى حياتنا اليومية ولو ببطء. بداية من استخدام البطاقات البنكية على إختلاف أنواعها, العملات الإلكترونية مثل البيتكوين وتطبيقات الدفع الإلكتروني عبر الهاتف. ولكن فكرة العملة العالمية ليست بجديدة بل هي فكرة تطوّرت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ومؤتمر بريتون-وودز سنة ١٩٤٤ حيث قدَّم مندوب بريطانيا الإقتصادي جون مينارد كينز مقترح بعملة إحتياطي عالمية تدعى الأنكور(The Anchor) ولكن تم رفض اقتراحه وإعلان الدولار عملة احتياطية عالمية مربوطا بالذهب بسعر صرف ٣٥ دولار/أونصة. ولكن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون أعلن سنة ١٩٧١تعويم الدولار مما يعني التخلي عن ربط سعر صرف الدولار بالذهب فيما عرف "صدمة نيكسون." وبذلك بدأ التمهيد لمفهوم الفقاعات والتحضير للأزمات الإقتصادية التي وصلت ذروتها سنة ٢٠٠٧/٢٠٠٨ فيما عرف بأزمة الرهون العقارية والتي كانت أكبر أزمة إقتصادية من ناحية الخسائر حتى تاريخه.

إن التخلي عن النقود الورقية المطبوعة واستبدالها بعملة الكترونية أصبح توجها عالميا والنقاش حوله في وسائل الإعلام أصبح مفتوحا وفي العلن. هناك من يحاول إقناع الشعوب بفوائد مجتمعات بدون نقود ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما حيث يرى مارك هيتشكوك أن مجتمع بلا نقود ليس إلا تمهيد لحكم المسيح الدجال والحكومة العالمية التي يرأسها, النظام العالمي الجديد الذي يتحدث الجميع عنه. الأزمات الإقتصادية ليس إلا وسيلة يتم استغلالها لإقناع شعوب العالم التخلي عن النقود الورقية المطبوعة لصالح العملات الإلكترونية وذلك بإستغلال الخوف والذعر التي تسببه تلك الأزمات.

كتاب "نهاية النقود" تم منحه تقديرات إيجابية من زبائن موقع أمازون حيث نال الرضا الكامل من ٩٠% من زبائن الموقع. كما أنه كتاب يحتوي على الكثير من المعلومات التي تبدو جديدة لمن يقرأها أول مرة, قرائته نوع من أنواع المغامرة التي قد تخبئ العديد من المفاجئات لمن يقرر خوضها.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية



Wednesday, July 19, 2023

Against White Feminism

النسويات من ذوات البشرة البيضاء يرفضن الإعتراف بالدور المهم الذي يؤديه لون البشرة في انتشار معتقدات وأفكار النسوية على مستوى العالم. وقد يثير ذلك دهشة البعض أنَّ مصطلح النسويات البيض(White Feminism) يعبِّرُ عن مجموعة مفاهيم ومصطلحات وأجندات لا تشترط أن تكون المرأة التي تؤمن بها بيضاء البشرة, بل قد تكون المرأة سوداء البشرة أو من آسيا أو الشرق الأوسط. ولكن في النهاية فإن جميع التصرفات والأفعال التي تقوم بها أولئك المشاركات والمبادئ التي يؤمنون بها تصب في خدمة أهداف الحركات النسوية الغربية والتي تؤمن بنظرية التفوق العرقي وأن لون البشرة البيضاء والإنتماء الى مجتمع الغرب وأفكاره يعطيهم أولوية وأهمية أكثر من غيرهم.

النسويات من ذوات البشرة البيضاء من الممكن أن يشاركن في مسيرات حقوق مدنية مختلطة مع نساء من ذوات البشرة السوداء أو من آسيا أو الشرق الأوسط وقد يكونون هم أنفسهم ينتمون الى تلك الأعراق البشرية المختلفة ولكن في النهاية فإنهم أعضاء في منظومة تفرض قوانينها وقواعد التعامل الخاصة بها على الجميع حيث نظرية تفوق العرق الأبيض(الغربي) حيث تتم تنحية إهتمامات و شؤون النساء المنتمين الى الأعراق الأخرى الى مرتبة ثانوية أو حتى الغائها تماما. النساء من ذوي البشرة البيضاء لا يمكن أن يحقَّقن الإنتماء الى الحركة النسوية(البيضاء) من دون الإيمان بذلك حتى لو كانوا من ذوي البشرة البيضاء و ينتمون إلى إحدى الدول في الغرب(Developed country).

هناك انقسام داخل الحركة النسوية لا يتم الحديث عنه ولكنه يثير الكثير من النقاش. إنَّ ذلك الانقسام بين النساء اللاتي يكتبن ويتحدثن عن النسوية والنساء اللاتي يعشن التجربة الحقيقية ، النساء اللاتي لديهن صوت مسموع حين يتحدثن مقابل النساء ذوات الخبرة الفعلية والعملية ، النساء اللائي يصنعن النظريات والسياسات ، والنساء اللائي ينخرطن فعليا في المعركة ويحملن ندوبها وآثارها.

النسوية البيضاء تؤكد على تفوقها العرقي والثقافي من خلال تصوير معاناة النساء من ذوي لون البشرة الغير بيضاء على أنَّ ذلك أمر عادي ينبع من العادات والتقاليد وثقافة البيئة المحيطة اللواتي يعشن فيها. بينما يتم تصوير المعاناة التي تعيشها النساء البيض على أنها أمر غير طبيعي, تشوُّه أو إنحراف في مفاهيم الحياة والطبيعة.

إنَّ أي تجربة خاصة تكون مرتبطة بمجموعة من النساء من ذوات البشرة الغير بيضاء سوف تعني تلقائيا بالنسبة الى النساء من ذوي البشرة البيضاء أنها تجربة غير ذات قيمة وبالتالي فإن الشخص المرتبط بها هو نفسه سوف يصبح ذا قيمة أقل.

في سرد رواية التجربة الإجتماعية أو المعاناة التي تعتمد على أن يكون الشخص الذي يعيش تلك التجربة هو أنثى فإنَّ جميع الرجال يعتبرون محرضين ضد النساء اللواتي يسعين الى المساواة. ولكن في ذلك الإطار, تجعل النسوية البيضاء من الممكن للنساء الملونات الحديث عن همومهم ومعاناتهم فقط عندما تكون نبرة الحديث تتوافق مع نبرة ولغة النساء من ذوَي البشرة البيضاء. إنَّ ذلك السياق الذي قد يعني أن النساء البيض يواجهن ذات المعاناة أو ذات التصرفات أو توجهات التيار الذكوري هو أمر ترفضه النسوية البيضاء تماما. 

إنَّ مروؤة النساء الملونات أو الآسيويات والإحساس بالمسؤولية والتعاطف والإحساس بالأمل هي صفات النساء التقليديات المكافحات ذوات العزيمة ولكن على الرغم من كل تلك الإيجابيات فإنها صفات لا تتوافق مع أجندات النسوية البيضاء بل أعمال مثل تأليف كتاب عن الجنس أو الإلحاد أو الهروب الى الغرب كما تقوم بعض النساء في السعودية هو من الصفات والأعمال الحميدة التي من الممكن أن تتوافق مع أجندات النسوية البيضاء وتنضم من تقوم بها الى المجموعة رغم لون بشرتها المختلف.

عاشت رفيديا زكريا مؤلفة الكتاب تجربة حياتية ثرية وغنية بالخبرات حيث وافقت وهي في سن ١٧ عاما على زواج مرتب من باكستاني يعمل طبيبا في الولايات المتحدة والسبب هو رغبتها في تحقيق حلم الدراسة الجامعية الأمر الذي كان مستحيلا في باكستان بسبب تقييد حياتها من أسرتها. نجحت رفيديا في دراسة القانون رغم اعتراض زوجها الذي انفصلت عنه لاحقا وأصبحت خبيرة في قانون الهجرة. رفيديا زكريا لا تمت بصلة قرابة الى الكاتب الأمريكي من أصول هندية فريد زكريا ولكن انقسام العائلة بين الهند وباكستان هو نتيجة التقسيم الإستعماري البريطاني حيث بقيت بعض الأسر المسلمة في الهند بينما هاجر بعضها الأخر الى دولة باكستان.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


Monday, July 17, 2023

The Fate of Africa

يشرح مارتن ميرديث الكاتب والصحفي البريطاني في كتاب "مصير إفريقيا: تاريخ القارة منذ الاستقلال" بطريقته الكلاسيكية تاريخ القارة الإفريقية من الثورة الجزائرية ضد الفرنسيين, الحرب الأهلية في زيمبابوي وسيراليون الى نيلسون مانديلا ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا مع التركيز على الأحداث والشخصيات الرئيسية في عهد الإستقلال والمشاكل الرئيسية التي واجهت الدول الإفريقية المستقلة, الجدل حول المساعدات الدولية و دور الصين المتزايد ونفوذها في بلدان القارة.

كانت القارة الإفريقية خلال الفترة التي سبقت مرحلة الاستعمار الأوروبي مزدهرة اقتصاديا وسياسيا حيث يمكن ملاحظة أكثر من ١٠ آلاف كيان سياسي في مختلف انحاء القارة التي رسم حدودها المستعمر الأوروبي في مؤتمرات عُقِدَت في لندن, باريس, برلين وعواصم أوروبية أخرى. دولة الكونغو(زائير)  على سبيل المثال كانت مقسمة الى ٦٠٠٠ منطقة نفوذ يسيطر على كل منها زعيم قبلي أو عشائري. الحدود الحالية التي تعرف بدولة نيجيريا يعيش فيها ٢٥٠ قومية وقبيلة عرقية منها ثلاثة عرقيات رئيسية. إنَّ جميع بلدان القارة الإفريقية بلا إستثناء هي دول مستحدثة لم تكن موجودة خلال الفترة التي سبقت مرحلة الإستعمار الأوروبي. 

هناك بعض الممالك التي تم الحفاظ عليها كما هي وبعضها الآخر كما ذكرت تم بعثرتها بطريقة عشوائية حتى لم يبقى لها أي أثر. فرنسا حافظت على نظام الحكم في مستعمراتها في تونس والمغرب ولكن ليس الجزائر, بريطانيا حافظت على أسرة محمد علي الحاكمة في مصر وهم من أصول ألبانية كانوا يعملون مرتزقة في الجيوش العثمانية. مملكة (Asante) في منطقة الساحل الذهبي أو غانا و  (Loziland) في روديسيا الشمالية أو زامبيا تم ضمها الى بعضها في وحدات إدارية جديدة تحت مسمى مستعمرة أو دولة. ممالك أخرى مثل (Buganda) و (Bunyoro) تم ضمها في دولة واحدة هي أوغندا رغم حالة العداء التاريخية بينها. الحد الفاصل بين منطقة الساحل والمناطق الداخلية التي يغلب عليها المناخ الإستوائي تم تأسيس دول مثل السودان, تشاد ونيجيريا حيث جمعت تلك الدول المسلمين, المسيحيين, الوثنيين, والقبائل من رعاة الماشية أو تلك التي تمتهن الزراعة رغم حالة العداء بينها.

إنَّ بداية التواجد الإستعماري الأوروبي في القارة الإفريقية كان مقتصرا على المناطق الساحلية عبارة عن موانئ صغيرة مهمتها الرئيسية هي محطة إستراحة, صيانة وتموين السفن ولم يكن أي اهتمام فعلي بالتوسع في الداخل الإفريقي. الإهتمام الحقيقي كانت بدايته خلال الفترة التي كان يحكم فيها الملك منسي الأول في إمبراطورية كانت تسيطر على الدولة التي تعرف اليوم (مالي) ومساحات من بلدان صحراء القارة الإفريقية. الملك منسي الأول كان ثريا حيث يسوف بمعايير هذه الأيام بأن ثروته تزيد عن ٤٠٠ مليار دولار ومصدرها مناجم الذهب في مالي. رحلة الحج التي قام بها الملك منسى موسى الى مكة أدت الى إثارة فضول الدول الاستعمارية خصوصا البرتغال وإسبانيا في ثروات الداخل الإفريقي والتي كانت بالنسبة إليهم مجرد أساطير. الملك منسي الأول أنفق خلال رحلة الحج في البلدان التي مرَّت بها قافلته من الذهب مما كانت نتيجته إرتفاع الأسعار(تضخم) استمر عشرة سنين.

الدول الإستعمارية تحرَّكت فورا من معاقلها الساحلية من أجل تنفيذ ماتم الإتفاق عليه من تقسيم القارة الإفريقية من خلال المعاهدات أو القوة المسلحة ولكن الأمر لم يكن بتلك السهولة. فرنسا كانت تسيطر على مساحة ٣.٧٥ مليون ميل مربع وبريطانيا ٢ مليون ميل مربع. ملك مملكة (Basuto) في جنوب إفريقيا ويدعي Moshoeshoe سارع الى توقيع اتفاقية حماية مع بريطانيا العظمى وأرسل رسالة الى الملكة فيكتوريا وصف نفسه و شعبه بأنهم مثل الذباب في حضرة الملكة العظيمة. الزعماء القبليين في منطقة Tswana التي تقع في Bechuanaland(بوتسوانا) سارعوا الى إرسالة رسالة مماثلة الى الملكة فيكتوريا من أجل التوقيع على معاهدة حماية.

كانت هناك بعض المناطق التي لم تخضع بسهولة كما خضعت خلافة سوكوتو الإسلامية التي توصلت الى إتفاق مع قوة بريطانية تم إرسالها من أجل ضم سوكوتو الى المنطقة الشمالية من نيجيريا. القوات البريطانية نجحت في احتلال Kumasi وهي عاصمة مملكة قوية تقع في جنوب غانا وتدعى Asante ولكنها تعرضت الى حصار لمدة ٤ أشهر حتى وصلت قوات إضافية نجحت في إخماد التمرد. Samori Ture مؤسس إمبراطورية Mandingo القوية في جنوب إفريقيا استمر في مقاومة الإحتلال الفرنسي ثمانية سنين. شعوب Ndebele و Shona في روديسيا(زيمبابوي) قاتلوا المستوطنين البيض بشراسة عدة سنين. البريطانيون لم يتمكنوا من إخضاع مناطق من كينيا يسكنها شعب Nandi حتى أرسلوا ستة حملات عسكرية كانت تتعرض الى الهزيمة مرة تلو الأخرى. ألمانيا إستخدمت أقسى و أبشع الأساليب في شرق إفريقيا(تنجانيقا) وجنوب غرب إفريقيا في ناميبيا حيث أبادوا خلال الفترة (١٩٠٤-١٩٠٨) مايزيد عن ثلاثة أرباع السكان الأصليين من قوميات Herero و Nama. البرتغاليون لم يكونوا أفضل حظا في أنغولا حيث تعرضوا الى مقاومة عنيفة من زعيم تحالف قبلي يدعى Mandume كان يقود قوات من ٤٠ ألف مقاتل.

الزعماء الأفارقة الذين كانوا يقاومون ويرفضون توقيع معاهدات الحماية كانوا إما يقتلون في أثناء المعارك أو يلقى القبض عليهم ويتم إعدامهم أو يتم إرسالهم الى المنفى. Samori Ture مؤسس إمبراطورية Mandingo القوية في جنوب إفريقيا توفي في المنفى بعد سنتين من القبض عليه. ملك مملكة Asantehene ويدعى Agyeman Prempeh توفي بعد أن أمضى في المنفى ثلاثين عاما. Lobengula زعيم قبيلة Ndebele في زيمبابوي وشمال شرق جنوب إفريقيا قتل أثناء أحد المعارك, زعماء قبائل الزولو في جنوب إفريقيا تعرضوا الى النفي أو قتلوا أثناء المعارك ولم تبقي بريطانيا على أحد منهم. 

ولكن الأطماع الاستعمارية للدول الغربية لم تتوقف على حدود المناطق والممالك الإفريقية بل حتى المستوطنين البوير(ذوي البشرة البيضاء) الذين نجحوا في تأسيس إمارتين مستقلتين في جنوب إفريقيا هما إمارة الترانسفال والإمارة البرتقالية الحرَّة(The Orange Free State) تعرضوا الى القوة العسكرية البريطانية وثلاثة سنين من الحروب والحملات العسكرية التي شارك فيها نصف مليون جندي بريطاني. بريطانيا نجحت في النهاية في ضمهما الى إمبراطوريتها الواسعة ولكن الحملات العسكرية البريطانية والمجازر التي تم ارتكابها بقيت في ذاكرة المستعمرين البيض في إفريقيا(Afrikaners) والذي كان نسبة كبيرة منهم من أصول هولندية وفرنسية. القوات البريطانية التي واجهت في جنوب إفريقيا حرب العصابات إستخدمت سياسة الأرض المحروقة حيث تم تدمير قرى كاملة وتسويتها بالأرض وذبح جميع قطعان الماشية وتدمير المزروعات وترحيل السكان البوير الى معسكرات اعتقال جماعية لا تتوفر فيها أدنى الظروف الإنسانية مما أدى الى وفاة أكثر من ٢٦ ألف من المرض والجوع أغلبهم تحت سن ١٦ عاما.

إنَّ أكثر ما يميز حرب البوير الأولى والثانية هي أنها كانت ضد المستوطنين من ذوي البشرة البيضاء ومن أصول أوروبية وليس ضد السكان الأصليين. كما أن معسكرات الإعتقال الجماعي ظهرت لأول مرة خلال تلك الحرب وضحاياها هم من ذوي البشرة البيضاء وليس اليهود ومن أسسها بريطانيا وليس ألمانيا النازية. الذهب كان هو الهدف الذي كانت تسعى اليه بريطانيا في جنوب إفريقيا والتي كانت خلال فترة زمنية ما هي الدولة الأولى في العالم في تعدين وإنتاج الذهب.

الكتاب يغطي الفترة الزمنية (١٩٥٠-٢٠١٠) ويعطي تفاصيل دقيقة عن تاريخ بلدان القارة الإفريقية وحركات الإستقلال وقادة التحرير و مصير بلدان القارة بعد أن إستقلت أو هكذا كان يعتقد المواطنون المتحمسون الذي رسمته حدودهم دول استعمارية في دول وكيانات سياسية ليس بينها رابط مشترك. ولكن تحذير لكل من يقرأ الكتاب أنه سوف يصاب بالإكتئاب من الصورة السلبية التي ينقلها الكاتب وهي والتي إن كانت حقيقية أو واقعية, إلا أنه ليس فيها حتى نافذة صغيرة في نهاية النفق المظلم. حروب أهلية, انقلابات دموية, مجازر إبادة جماعية وتطهير عرقي, شركات نفط وتعدين تبحث عن الثروات بين أشلاء الضحايا دون أي اعتبارات إنسانية او أخلاقية.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


الحرب عبارة عن خدعة(War is A Racket)

كان سميدلي دارلنجتون بتلر(١٨٨١-١٩٤٠) أكثر ضباط الجيش الأمريكي حصولا على الأوسمة بلغ عددها ١٦ وساما خمسة منها للأعمال البطولية وكان واحدا من ...