إن مسألة إنتحار زعيم ألمانيا النازية أدولف هتلر وعشيقته التي تزوجها قبل ساعات من انتحارهما مازالت لغزا مستعصيا على الحل بالنسبة الى الكثيرين. توفي أدولف هتلر, منتحرا أم بعد أن عاش حياته الطبيعية في الأرجنتين, ولكنه في النهاية أخذ معه الى القبر أسراره وقد كان لديه الكثير منها. ولقد حاول الكثيرون حل ذلك اللغز المستعصي, مئات الساعات من الأفلام الوثائقية وعدد لا يحصى من المقالات والمواضيع التي تنشرها وسائل الإعلام المختلفة والكتب التي تم تأليفها تناولت مسألة إنتحار هتلر أو هروبه الى الأرجنتين أو تشيلي أو البرازيل. أحد أهم تلك الكتب في ذلك المجال هو كتاب "الذئب الرمادي: هروب أدولف هتلر(Grey Wolf: The Escape of Adolf Hitler)" الذي نشر سنة ٢٠١٣ حيث بنى المؤلفان, سايمون دونستان (Simon Dunstan), جيرارد ويليامز (Gerrard Williams), وجهة نظرهم في الكتاب حول هروب هتلر الى الأرجنتين اعتمادا على مجموعة من الوثائق والأدلة وشهادة الشهود.
الفرضية التي حاول المؤلفان شرحها في كتابهما والتي تعرضها بسببها للكثير من الهجوم وأن ضمن نظرية المؤامرة, أن هتلر قد نجح في الهروب من ألمانيا بعد اتفاقه مع الأمريكيين على تسليمهم أسرار الحرب النازية خصوصا مشاريع عسكرية غاية في التعقيد منها مشروع الطائرة الشبحية والمدفع العملاق والقنبلة الذرية الألمانية, وأماكن إخفاء الكنوز والتحف الفنية والثروات خصوصا السبائك الذهبية التي نهبتها القوات الألمانية أثناء تقدمها في أنحاء أوروبا. المثير للدهشة أن هناك إشاعات تدور حول أبحاث نازية على مشاريع لها علاقة بتكنولوجيا مرتبطة بكائنات فضائية ومركبات فضائية كانت تزور ألمانيا من فترة الى أخرى. القوات الأمريكية كانت مهتمة أثناء تقدمها في الأراضي الألمانية بمسألة أخرى مهمة وهي القبض على أكبر عدد ممكن من العلماء الألمان ونقلهم للعمل على مشاريع في الولايات المتحدة.
الأدلة التي يسوقها الكثيرون حول إنتحار هتلر تعرضت خصوصا الجمجمة التي كانت محفوظة في أرشيف الإتحاد السوفياتي وفيها أثر رصاصة قد أصبح من الواضح بعد فحصها من خبراء مختصين أنها تعود الى إمرأة وليس رجل. كما أن المزاعم أن جثث أدولف هتلر وإيفا براون قد تم إحراقهم في ساحة حديقة مبنى المستشارية حيث كان هتلر يتحصن بالقبو وذلك بعد انتحارهما ليلة ٣٠ نيسان/أبريل/١٩٤٥ تفتقد الى المصداقية. وعلى الرغم من الغموض إلا أن هناك الكثير من الأخبار التي قد تدعم الرواية حول هروب هتلر منها أن هناك مسؤولين رفيعي المستوى في الجيش الألماني والحزب النازي قد تمكنوا من الهروب وقبض على بعضهم منهم أدولف إيخمان الذي كان يعيش بشخصية مزورة في الأرجنتين ويعمل في أحد مصانع السيارات الألمانية.كما أن هناك أخباراً تظهر بين الفينة والأخرى عن العثور على مخابئ محصنة في غابات الأرجنتين قد تم إستخدامها من القادة النازيين الفارين من ألمانيا أو حتى قاعدة عسكرية ألمانية في القطب الشمالي. إن Zwy Aldouby أحد مؤلفي كتاب وزير الموت(Minister of Death) والذي يتناول سيرة حياة أحد كبار ضباط قوات العاصفة الألمانية(إس إس) أدولف إيخمان ذكر أن مارتين بورمان شوهد في أحد مناطق بوليفيا النائية وأنه عاد الى الأرجنتين سنة ١٩٧٢ بعد إعادة فوز خوان بيرون بانتخابات الرئاسة في الأرجنتين.
هناك الكثير من الأدلة التي ذُكرت في الكتاب وتدعم وجهة النظر حول نجاح أدولف هتلر في الهروب من ألمانيا الى الأرجنتين حتى وفاته فيها بشكل طبيعي من المرض والشيخوخة سنة ١٩٦٢ عن عمر يناهز ٧٢عاما. الدليل الأول أن مارتين بورمان, سكرتير هتلر الشخصي ومهندس عملية الهروب لم يعثر على جثته وأن الجثة التي عثر عليها قرب مبنى المستشارية تعود الى شخص آخر. أسرة مارتين بورمان رفضت رواية وفاته ولم تعترف بذلك ولم يبدو عليهم أي مشاعر حزن على وفاته. الدليل الثاني هناك مسؤولين نازيين آخرين إختفى أي أثر لهم منهم منهم هاينرش مولر, أحد كبار ضباط جهاز الجستابو المرعب, وأن الجثة التي عثر عليها مدفونة في برلين لم يثبت أنها جثة هاينرش مولر. الدليل الثالث بيتر بومجارت, طيار ألماني قدَّم شهادته خلال إعتقاله في أحد السجون البولندية حول قيامه بنقل هتلر وعشيقته خارج الأراضي الألمانية وقيامه بنقل عدد من أقارب إيفا براون خارج الأراضي البولندية. الدليل الرابع أن ستالين بنفسه لم يكن مقتنعا أن هتلر قد إنتحر كما أن الجنرال السوفياتي الشهير جورجي زوكوف صرَّح بأنه ليس مقتنعا برواية إنتحار هتلر.
هناك الكثير من المعلومات المثيرة للاهتمام التي يحتويها الكتاب والتي ذكرها المؤلفان من أجل أن يدعموا وجهة نظرهم حول هروب هتلر وإيفا براون وكبار القادة النازيين الى الأرجنتين. قارئ الكتاب سوف تدفعه تلك المعلومات وأسلوب مؤلفي الكتاب المميز في إستعراضها الى الإستمرار في القراءة حتى النهاية.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment