وليام ميدلكوب ناشر ومصوِّر هولندي ولد لأبوين هولنديين يعملان في مشروع سيرن(CERN) في سويسرا. كما عمل في وظيفة محلل للأسهم في قناة (RTL Z) الناطقة باللغة الهولندية وتبث من دولة اللوكسمبيرغ. وقد يكون إسم المؤلف غير مألوف بالنسبة للقارئ في الولايات المتحدة أو كندا ولكنه في وطنه, هولندا, شخصية معروفة ومشهورة. كما أنه تم تقديمه في الوطن العربي بعد ترجمة كتاب "حروب الذهب ونهاية النظام المالي العالمي" من قبل إبتسام محمد الخضراء حيث نشرته دار العبيكان للنشر وقام بالتمهيد للكتاب بنسخته الإنجليزية آلان جرينسبان الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي.
خلال الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى, كان الاقتصاد العالمي يتميز بالثبات والاستقرار بفضل الإعتماد على الذهب حيث كانت كمية النقود المعروضة تتناسب طرديا مع كميات الذهب المستخرجة. ولكن نشوب الحرب العالمية الأولى وحاجة الدول الأوروبية الى تمويل نفقات الحرب أدى الى التخلي عن معيار الذهب واستبداله بنظام النقد الورقي وطباعة المزيد من العملة. وقد حافظ الذهب على قيمته الشرائية خلال آلاف السنين بينما إنهار النظام النقدي الورقي عدة مرات لعل أشهرها التضخم المفرط(١٩١٨-١٩٢٤) خلال عهد حكم جمهورية فايمار التي قامت على أنقاض ألمانيا القيصرية إثر إنتهاء الحرب العالمية الأولى.
إن سعر الذهب يعتبر بالنسبة للمختصين والاقتصاديين مؤشرا على تناسب سعر العملة مع الحالة الإقتصادية وكمية النقود المتوفرة, ارتفاع سعر غرام الذهب يعني زيادة كمية النقد المعروض مما يؤدي إلى زيادة نسبة التضخم. الحكومات ومدراء البنوك المركزية يخشون من الكساد ويحاربونه عن طريق طبع المزيد من النقد وضخِّهِ في الأسواق مما يؤدي الى التضخم الذي قد يفلت من عقاله ويتحول الى تضخم مفرط وهو أمر كارثي بكل المعايير والمقاييس. سنة ١٩٧١, تخلت الولايات المتحدة رسميا عن إتفاقية بريتون وودز التي اعتمدت الدولار عملة احتياطية عالمية مقابل ربط سعر الصرف مع الذهب بمعدل ٣٥ دولار/للأونصة, الولايات المتحدة عوَّمت عملتها في أسواق الصرف أمام العملات الأخرى.
ليس هناك عملة آمنة من الانهيار وفقدان قيمتها حتى الفرنك السويسري. فقد قامت الحكومة السويسرية سنة ٢٠١٢ بربط سعر صرف عملتها(الفرنك السويسري) باليورو في محاولة لكبح جماح الخطر الناجم من إرتفاع سعره بما يضر بقطاع السياحة والصادرات السويسري. منذ عام ٢٠٠٨, هناك حرب عملات بين دول مختلفة تسعى لتخفيض قيمة عملتها للحفاظ على تنافسية صادراتها في الأسواق العالمية, الولايات المتحدة ليست استثناء من ذلك. وقد تكون تلك المعلومة مجهولة للكثيرين ولكن الدولار الأمريكي خسر أكثر من ٨٠% من قيمته منذ بدء تداوله خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولين مرورا بالأزمة المالية ٢٠٠٨ التي أضرَت بقيمة الدولار بسبب برنامج التسهيل الكمي(QE) حيث يتم شراء السندات وديون المصارف المتعثرة بأموال مطبوعة حديثا.
إن ما يقوم به السياسيون ووزراء الخزانة ومحافظو البنوك المركزية ليس إلا شراء للوقت وللأصوات الإنتخابية ولكنه لن يمنع إنهيار النظام النقدي الحالي الذي إنهار ٢٠٠ مرَّة قبل ذلك. إن صناع القرار, كما يرى المؤلف, يختارون دائما دفع إعلان الموت المحتمل للنظام النقدي الحالي إلى موعد لاحق بدلا من الاعتراف بخطئهم والتركيز على علاج الأعراض بدلا من تركيز الإنتباه على المرض الفعلي. إن ذلك لا يمنع أن هناك ترتيبات تجري من وراء الستار من قبل اللاعبين الكبار للتخلص من النظام النقدي الحالي واستبداله بنظام نقدي يعتمد على الذهب بطريقة أو بأخرى كما جرى سنة ١٩٤٤ حيث سوف تلعب الولايات المتحدة, الصين, الهند وروسيا أدوارا رئيسية.
وفي الختام, أرغب في توجيه الشكر لدار نشر العبيكان على دورها في نشر ذلك الكتاب الغني بالمعلومات المفيدة للقارئ وشكر خاص الى المترجمة إبتسام محمد الخضراء على ترجمتها الإحترافية وعالية الدقة للكتاب مع الطلب من دار النشر بترجمة المزيد من أعمال الكاتب ونشرها لما فيه من فائدة ومتعة للقارئ.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment