بنجامين باربر(١٩٣٩-٢٠١٧) محلل سياسي أمريكي قام بتأليف أكثر من ١٢ كتابً لعل أشهرها كتاب "Jihad vs. McWorld" وكتابنا الذي نتحدث عنه اليوم هو أحد أهم الكتب التي قام بتأليفها, "Consumed: How Markets Corrupt Children, Infantilize Adults, and Swallow Citizens Whole." كما عمل بنجامين باربر مستشارا لأشخاص مثل بيل كلينتون, حاكم ولاية فيرمونت الأمريكية السابق هوارد دين والرئيس الليبي السابق معمر القذافي.
يقدم بنجامين باربر في كتابه صورة حية لعالم الرأسمالية الذي يعاني من وفرة في الإنتاج ولكن من نقص في عدد المستهلكين حيث تبحث الشركات دائما عن أسواق جديدة لبضائعها. إن أحد مبادئ المدرسة الكينزية الكلاسيكية هي أن السوق يعتمد على مبدأ الطلب والعرض وليس العكس. ولكن في عالم الرأسمالية الذي يتحدث عنه بنجامين باربر, صناعة الطلب على البضائع والخدمات أصبحت تحتل أولوية لدى الشركات حيث أصبحت مهمتها الأساسية تسويق أسماء تجارية بدلا من تسويق بضائع يتم تصنيعها حيث تتوفر عمالة رخيصة لا تزيد أجورها عن دولارين أو ثلاثة في اليوم. في عالم الرأسمالية, يتم استهداف الأطفال والقاصرين بكافة أنواع الدعاية والإعلان لدفع أولياء أمورهم للإنفاق على الإستهلاك بدون حاجة ملحة إلى ذلك.
في عالم الرأسمالية الذي يتحدث عنه بنجامين باربر, تنحدر أخلاقيات الإستهلاك حيث يتم إستبدال الأخلاق البروتستانتية المرتبطة ذات مرة بالرأسمالية مثل تشجيع ضبط النفس ، والاستعداد للمستقبل ، وحماية الأطفال والتضحية بالنفس من أجلهم ، وغيرها من خصائص مرحلة البلوغ إلى الإحتفاظ بخصائص مرحلة الطفولة وذلك بفضل الدعاية المضللة وأساليب البروباغندا التي تستخدمها كبريات الشركات وتنفق عليها مليارات الدولارات. المستهلكون تم خداعهم في أن حريتهم في الاختيار هي امتداد عقلاني لقدرتهم على تطوير ارتباط عاطفي بالعلامة التجارية حيث الشركات المصنعة تبيع صورة أو مفهوما وليس منتجا ملموسا. هناك العديد من زبائن العلامات التجارية يقومون بشرائها من أجل التباهي أمام الآخرين ويهتمون برأي الآخرين بتلك المنتجات أكثر من اهتمامهم برأيهم الشخصي بها إن كانت تناسبهم أم لا.
في عالم الرأسمالية, يتحول المجتمع من البحث عن تلبية الإحتياجات الإجتماعية إلى الرغبات الشخصية ولو على حساب الأخرين. قيام المستهلكين بالبحث عن تلبية تلك الرغبات بأرخص الأثمان ولو على حساب الآخرين يؤدي الى مشاكل اجتماعية حيث يزداد الفقراء فقرا والأغنياء ثراءً. الإستهلاك الاستعراضي(conspicuous consumption) الذي تحدث عنه عالم الإقتصاد الأمريكي ثورستين فيبلين الصفة السائدة في تلك النوعية من المجتمعات حيث يصبح التسوق بهدف التباهي أكثر أهمية من التسوق بسبب حاجة إستهلاكية ملموسة. ماذا وكيف نشتري وأي نوع من العلامة التجارية أصبحت هي المسؤولة عن تحديد ملامح شخصية الفرد في مجتمعه وبين أقرانه وذلك بدلا من الدين أو الإنتماء العرقي أو لون البشرة.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment