Flag Counter

Flag Counter

Monday, July 15, 2024

The Lexus and the Olive Tree

لو حاولنا أن نشرح مفهوم العولمة لوجدنا أنسب تعبير أنها عبارة عن نظام عالمي وُجِدَ ليستمر فهي ليست توجُّه مؤقت تحكمه ظروف وعوامل تنتهي بنهاية فترة زمنية معينة أو أنها ظاهرة عابرة قد تلقى القبول لدى البعض بينما قد يرفضها أخرون. العولمة نظام اقتصادي عالمي فرض نفسه على الحكومات والأفراد على حد سواء, نظام له ديناميكية غير ثابتة تتغيَّر وتتبدَّل بإستمرار وعلى جميع المنخرطين فيه القبول بذلك وأن تكون لديهم القدرة على التكيُّف في أقل فترة زمنية ممكنة. العولمة هي نظام قائم على الإستهلاك والفردية وتفكيك روح الجماعة وأن الهدف الأسمى هو تحقيق الرِّبح حيث تطغى المادة ويتضائل دور الجوانب الروحية الغير مادية.

توماس فريدمان كاتب وصحفي أمريكي اشتهر بنظرية "الأقواس الذهبية" التي تذكر بأنه:"لم تتحارب دولتان افتتحت فيهما مطاعم مكدونالد؛ منذ حظيت كل منهما بمطعمها الخاص." يعتبر كتابه "الليكزس وشجرة الزيتون, محاولة لفهم العولمة" أحد أفضل المؤلفات التي تحاول أن تشرح مفهوم العولمة للقارئ العادي بعيدا عن إستخدام الألفاظ والمصطلحات المعقدة. السيارة الليكزس ترمز إلى السرعة والفخامة والرفاهية بينما شجرة الزيتون ترمز للأصالة والتقاليد والثبات, توماس فريدمان كان واضحا وصريحا في وجهة نظره بأنه لا مكان في عالم العولمة للخصوصية حيث لا يمكن الإحتفاظ بهوية ثقافية متفرِّدة وإلا فسوف يعني ذلك الإنعزال عن العالم. التكنولوجيا, رأس المال والمعلومات هي عبارة عن ثلاثة عوامل سوف تكون مسؤولة عن تغيير السوق العالمية وتسوية الحدود السياسية والجغرافية القديمة حيث ينحسر مفهوم "الدولة ذات السيادة" لصالح رأس المال العابر للقارات وحيث تصبح الهوية القومية للشعوب مهددة بالإنقراض وينشأ الصراع بين التقليد والحداثة.

إن الحقائق على أرض الواقع تثبت سقوط وجهة النظر التي تبناها فريدمان وأن العولمة لم تنتج الديمقراطية والحريات والسلام العالمي بل أدت الى نتائج عكسية تماما. اتساع الفوارق الطبقية بين الأغنياء والفقراء, تآكل الطبقة الوسطى, صعود الأحزاب الشعبوية اليمينية المتطرفة وإنتشار بؤر التوتر والصراعات حول العالم. الديمقراطية تذوي تحت وطأة العولمة واتفاقيات التجارة الحرة, القوة ظاهريا في يد الشعب حيث يستمدها عن طريق الانتخاب والاقتراع والبرلمانات والمجالس النيابية, ولكن تلك القوة التي تمثلها السلطة السياسية التي من المفترض أنها بيد الشعب, قد تسربت بالسر وأصبحت بيد جماعات الضغط, الجهات المانحة والشركات العابرة للقارات التي أصبحت هي التي تقرر كيف تتصرَّف الحكومات وماعليها أن تفعله حيث الأولوية في إقرار القوانين والتريعات التي تناسب القطاع الخاص وليس الشعوب. 

إن الاتفاقيات الدولية مثل الشراكة العابرة الأطلنطي، اتفاقية الإتجار في الخدمات, إتفاقية التجارة الحرَّة(الجات), اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية(نافتا) وغيرها من الاتفاقيات التي تعقد خلف الأبواب المغلقة وكتبت بنودها في المنتديات الإقتصادية العالمية مثل منتدى دافوس, تحتوي على بنود تضر بالسيادة الوطنية للدول بحيث لا يمكن لشخص عاقل ذو بصيرة ورؤية أن يوافق عليها لو إطَّلع على تفاصيلها. إن القبول بإنشاء كيانات أجنبية غامضة, تفتقر الى الشفافية وذلك من أجل أن يسمح للشركات بتجاهل المحاكم الوطنية وأن تقاضي الحكومات وتطالبها بتعويضات عن نتائج قرارات ديمقراطية اتخذتها الشعوب, هو أمر يتناقض مع مفهوم الديمقراطية وبالتالي لا يمكن الجمع بين مفهومين, الديمقراطية والعولمة بحسب بعض الآراء منها الكاتب البريطاني جورج مونبيوت.

قد نتفِّق أو نختلف مع فريدمان في وجهة نظره خصوصا في مسألة الأقواس الذهبية. ففي كتاب "الليكزس وشجرة الزيتون, محاولة لفهم العولمة," يتحدث فريدمان عن العولمة على أنها الخيار الأول والأخير الذي لا بديل له على الرغم من أنه هناك الكثيرين ممن يعارضون نظريته ويرون أنها فشلت وأن الثقة انحسرت بالعولمة وأن محاولة تنميط سلوكيات المستهلكين قد فشلت وأن العولمة وتحرير التجارة لا ينتجان بالضرورة أنظمة حكم ديمقراطية. إن نظرية فريدمان يمكن أن تصنَّف على أنها واحدة من نظريات نهاية التاريخ التي تقترح أن الرأسمالية العالمية يمكن أن تؤدي الى سلام دائم وأن إندماج الدول في الإقتصاد العالمي وتبنيها للنمط الإقتصادي الإستهلاكي وفتح أسواقها أمام حركة التجارة العالمية سوف يحد من قدرتها على خلق المشاكل والإضطرابات والتحول نحو الديمقراطية والحريات. 

كتاب فريدمان نال تقديرات إيجابية من عدد من الصحف العالمية منها فورين أفيرز(Foreign Affairs), بالتيمور صن, بوسطن غلوب و صحيفة النيويورك تايمز. توماس فريدمان يكتب في عدة صحف مرموقة منها فورين أفيرز(Foreign affairs), نيويورك تايمز, ميدل إيست غلوباليزيشين(Middle East globalization) وغيرها. كما أنه فاز بعدد من الجوائز منها جائزة بوليتزر ثلاثة مرات(٢٠٠٢,١٩٨٨,١٩٨٣), جائزة نادي الصحافة لما وراء البحار(٢٠٠٤). كما تم انتخابه عضوا في مجلس إدارة جائزة بوليتزر سنة ٢٠٠٥.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية





No comments:

Post a Comment

الحرب عبارة عن خدعة(War is A Racket)

كان سميدلي دارلنجتون بتلر(١٨٨١-١٩٤٠) أكثر ضباط الجيش الأمريكي حصولا على الأوسمة بلغ عددها ١٦ وساما خمسة منها للأعمال البطولية وكان واحدا من ...