دامبيسا مويو هي مواطنة من دولة زامبيا في إفريقيا تحمل درجة الدكتوراه في الإقتصاد ومختصة في الإقتصاد الكلي والشؤون الدولية. لها عدد من المؤلفات في مجال الإقتصاد منها كتاب "المساعدات الميتة: لماذا لا تعمل المساعدات وكيف توجد طريقة أفضل لأفريقيا(Dead Aid: Why Aid Is Not Working and How There Is a Better Way for Africa)" الذي تحدثت فيه الكاتبة عن مشكلة المساعدات الغربية التي يتم تقديمها الى دول إفريقية وقارنت بينها وبين الإدمان على المخدرات. الكتاب نجح في الحصول على دعاية إيجابية من عدد من الصحف الدولية منها وول ستريت جورنال, الديلي ميل, الإندبندنت والواشنطن تايمز وشخصيات أكاديمية مثل الدكتور أبورفاه شاه من جامعة ستانفورد العريقة والمؤرخ والكاتب البريطاني نيل فيرجسون.
إن مشاكل القارة الأفريقية الاقتصادية يناقشها أشخاص مثل نجم الروك بونو والمصرفي جيفري ساكس وليس أكاديميون ومواطنون من القارة الأفريقية التي تعاني من الحروب الأهلية، الفقر، المجاعة، الأمراض والفساد من بين عدد من المشاكل التي تعاني منها القارة السمراء وتمثل تحديا من أجل تحقيق نمو اقتصادي مستدام. دامبيسا مويو (Dambisa Moyo) مواطنة من دول زامبيا في أفريقيا غادرت بلادها الى الولايات المتحدة قبل أن تنهي المرحلة الجامعية الأولى في تخصص الكيمياء وذلك إثر أحداث الفوضى التي تلت محاولة الانقلاب ضد الرئيس كينيث كاوندا. وفي الولايات المتحدة أكملت دراستها الجامعية وعملت مع البنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن لفترة سنتين ثم أكملت دراستها الجامعية في مجال الاقتصاد حيث نالت درجة الماجستير من جامعة هارفارد العريقة والدكتوراه من جامعة أوكسفورد في المملكة المتحدة.
أحد التحديات التي تواجهها القارة السمراء من وجهة نظر الكاتبة هو الإدمان على المساعدات والهبات من دول غربية ومن منظمات غير حكومية ومتبرعين. خلال الفترة من ١٩٦٠-٢٠١٠ تلقت دول القارة الأفريقية تريليون دولار على شكل هبات ومساعدات وقروض بفوائد مخفَّضة. وخلال الفترة ١٩٧٠-٢٠١٠ بلغت قيمة المساعدات المخصصة للتطوير والتنمية التي تلقتها دول القارة السمراء ٣٠٠ مليار دولار. وقد بلغ النمو في الدول الأفريقية التي تلقت أكبر نسبة من المساعدات خلال الثلاثين سنة السابقة(١٩٨٠-٢٠١٠) نسبة (-٠,٢%). الفترة التي شهدت أكبر تدفق للمساعدات (١٩٧٠-١٩٩٨)، ازدادت نسبة الفقر من ١١% الى ٦٦%. دامبيسا مويو عقدت مقارنة بين عدد من الدول مثل كوريا الجنوبية ودول في القارة الإفريقية حيث رفضت الأولى بداية سنة ١٩٦٠ المساعدات الدولية بينما قبلتها دول إفريقية والنتيجة كانت معروفة, معدل دخل الفرد في دول إفريقية كان قبل 30 سنة أعلى من معدل دخل الفرد في دول مثل الصين. بينما هناك دول إفريقية مثل بوتسوانا رفضت المساعدات الدولية وتفوقت على جيرانها في معدل الناتج الإجمالي المحلي ودخل الفرد.
الفساد هو أحد أكبر المشاكل التي تعاني منها القارة الأفريقية حيث يتم سرقة أموال المساعدات بانتظام وإيداعها في حسابات في بنوك خارجية. رئيس زائير السابق موبوتو سيسيكو اختلس خلال فترة حكمه التي دامت أكثر من ٣٠ عاما مبلغ ٥ مليارات دولار من المساعدات المقدمة الى بلاده وهي مبالغ كافية لتسديد جميع ديون زائير الخارجية. كما أنه بعد اجتماع دولي مع الدول المانحة حيث طالب بتخفيض في فوائد القروض على بلاده، أرسل ابنته في طائرة خاصة من أجل إقامة حفل زفافها الباذخ في دولة ساحل العاج. من بين ١٠ مليارات دولار تم تقديمها سنة ٢٠٠٣ الى دول القارة الأفريقية، ابتلع الفساد المستشري ٥ مليارات تم تحويلها الى حسابات خارجية.
الكاتبة قدَّمت أربعة اقتراحات للنهوض بالواقع الاقتصادي لدول القارة الأفريقية بدون الآثار السلبية التي تترتب عن نظام المساعدات الذي فشل في تحقيق أي تقدم إيجابي اقتصادي، اجتماعي أو سياسي. الاقتراح الأول هو اللجوء الى أسواق المال الدولية للاقتراض بأسعار فائدة منخفضة أو إصدار سندات دين. الاقتراح الثاني هو زيادة، الاستثمارات في البنى التحتية مثل الطرقات، الجسور، المطارات، المستشفيات والمنشآت الخدمية. الاقتراح الثالث هو بذل المزيد من الجهود من أجل معاملة عادلة في اتفاقيات التجارة الحرة للمزارعين في الدول الأفريقية وإلغاء الدعم الذي تقدمه دول مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان الى المزارعين المحليين بما يخالف صميم عمل تلك الاتفاقيات ويحرم المزارعين في دول أفريقية من القدرة على المنافسة. الاقتراح الرابع هو تشجيع مؤسسات الوساطة المالية التي تقدم القروض للفقراء مثل بنك غرامين(بنك الفقراء) الذي أسسه في بنغلاديش البروفيسور محمد يونس وتفرعت عنه مؤسسات عديدة مشابهة بدأت في العمل في عدة دول في أفريقيا، آسيا وأمريكا اللاتينية.
هذا الكتاب تم كتابته من مواطنة أفريقية وهو موجه الى مواطني إفريقيا ومن أجلهم. كما أن موجه الى صانعي القرار السياسي والمواطنين في الدول الغربية على حد سواء ممن لديهم أمل في تحسين الأوضاع في القارة الأفريقية. ورغم أنني لا أتفق مع المؤلفة في جميع وجهات النظر التي قدمتها في كتابها، إلا أن الكتاب في المجمل يعتبر أحد أفضل الكتب التي قرأتها حول أفريقيا والمشاكل التي تعاني منها القارة السمراء. الكاتب والمؤلف البريطاني المختص في مجال السياسة والتاريخ نيل فيرجسون قدَّم للكتاب وامتدح مؤلفته. أنصح بشراء الكتاب وقرائته ومناقشة الأفكار الواردة فيه لأنها لا تنطبق حصريا على دول القارة الأفريقية بل على جميع الدول التي تعتمد على المساعدات والإعانات والهبات والقروض في جزء كبير من موازنتها العامة خصوصا في الوطن العربي.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment