Flag Counter

Flag Counter

Friday, October 28, 2022

Over a Barrel: Breaking the Middle East Oil Cartel

مؤلف كتاب "Over a Barrel: Breaking the Middle East Oil Cartel" هو رايموند ليرسي متعامل سابق في بورصة السلع الأساسية في الولايات المتحدة حيث قام ليرسي بتأسيس شركته الخاصة سنة ١٩٦٣م وأصبح من أهم المتعاملين في ذلك المجال ومن جامعي التحف والأعمال الفنية الراقية. يشغل منصبا هو عضوية مجلس ويلسون في مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين. تحليلات ليرسي حول تجارة النفط الدولية ومنظمة أوبك وتأثير ذلك على الولايات المتحدة والعالم ينشر باستمرار في مجلة نيويورك تايمز و ناشيونال ريفيو أونلاين(National Review Online). كما أنه يساهم في نشر مواضيع في صحيفة الهافينجتون بوست.

يعتبر النفط أهم سلعة حيوية في العالم حيث تنبع أهميته بوصفه محرك الاقتصاد العالمي. بدون النفط, لا يمكن أن تكون حضارتنا كما نعرفها اليوم. التقلبات في سعر النفط تعتبر محل اهتمام جميع المؤسسات المالية الدولية والمحلية في جميع الدول. كما أن هناك الكثير من الدول حتى المتقدمة والصناعية مثل الولايات المتحدة تتأثر بتقلبات أسعار النفط, أزمة الحظر النفطي ١٩٧٣-١٩٧٥ هي خير مثال على ذلك. إرتفاع أسعار النفط يعني رخاء اقتصادي ووفرة مالية للدول المصدرة له, بينما العكس صحيح بالنسبة إلى الدول المستوردة للنفط.

تعتبر منظمة الدول المصدرة للنفط(أوبك) أهم تجمع للدول المنتجة للنفط في العالم. تأسست المنظمة في العاصمة العراقية بغداد سنة ١٩٦٠م. تتخذ منظمة الأوبك من العاصمة النمساوية فيينا مقرا لها وتضم اثنتي عشرة دولة, 40% من إنتاج النفط و ٧٠% من الإحتياطي العالمي. وقد كانت منظمة الأوبك محل انتقادات كثيرة في وسائل الإعلام الغربية بسبب اتهامات التلاعب بأسعار النفط عبر التحكم بكميات الإنتاج وتخفيضها من أجل زيادة الأسعار. وقد صدر قانون نوبيك(NOPEC-No Oil producing and Exporting Cartels) سنة٢٠٠٨/٢٠٠٧ في الولايات المتحدة والذي يسمح برفع الحصانة عن الدول والشركات المصدر للنفط الأعضاء في منظمة أوبك من أجل مقاضاتها بموجب قانون منع الاحتكار(AntiTrust) في الولايات المتحدة.

هناك أمر مهم وأساسي في كتاب "Over a Barrel: Breaking the Middle East Oil Cartel" تغافل عنه المؤلف حول صدمة الحظر النفطي(١٩٧٣-١٩٧٥), إرتفاع أسعار النفط خلال تلك الفترة كان أمرا حتميا لسببين إثنين: الأول هو ارتفاع نسبة التضخم إثر إعلان الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون رسميا عن فك ارتباط الذهب بالدولار سنة ١٩٧١م و تعويمه في أسواق الصرف الدولية مقابل العملات الأخرى. بينما الثاني هو أن الحكومة الأمريكية فرضت سياسة مراقبة الأسعار منذ سنة ١٩٧١م من أجل منع التضخم من الإنفلات من عقاله وتحوله الى تضخم مفرط. سياسة مراقبة الأسعار شملت شركات النفط التي فرض عليها بيع الوقود بسقف سعري أعلى محدد مسبقا(Price Cap) مما أدى الى امتناع شركات النفط عن التوسع في التنقيب واستخراج النفط وبالتالي انخفاض المعروض منه في الأسواق. الولايات المتحدة تساهم في تقلبات سعر النفط حيث تلعب دورا رئيسيا عبر الإعلان عن زيادة مخزونها النفطي الإستراتيجي أو بيع حصة مؤثرة منه في الأسواق العالمية بما يساهم في إرتفاع أو إنخفاض سعر النفط.

اللغة التي يستخدمها الكاتب نقدية وحادَّة في توجيه الإتهامات الى منظمة أوبك التلاعب بسعر النفط من أجل مصلحة أعضائها. ولكن ذلك ليس عائقا برأي الشخصي يمنع شراء الكتاب وقراءته من أجل التعرف على وجهة نظر الكاتب التي تمثل الجانب الآخر وتعتبر مهمة في فهم كيف تعمل أسواق النفط ودور النفط في حياتنا وفي إقتصاد العالم.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

Wednesday, October 26, 2022

موسى والتوحيد

الكتاب: موسى والتوحيد

الكاتب: سيجموند فرويد

إن سيجموند فرويد عالم النفس النمساوي الشهير لايحتاج الى تعريف فهو أحد أوائل المؤسسين لعلم النفس الحديث وطرقه في التحليل النفسي مازالت تدرَّس حتى يومنا هذا وتعتبر أساسا في مناهج وطرائق تدريس علم النفس. ولكن منهجية فرويد و مؤلفاته في علم النفس ليست هدفي من كتابة هذا الموضوع بل أحد مؤلفات سيجموند فرويد, "موسى والتوحيد," الذي يشغل أهمية خاصة أن مؤلفه, نمساوي من أصول يهودية, وأنه يشكِّكُ في أحد ثوابت العقيدة اليهودية أن نبي الله موسى عليه السلام لم يكن يهوديا بل مصريا وأن الديانة اليهودية التي نعرفها اليوم لها أصول في مصر وإن كانت تختلف عن اليهودية-البابلية التي ظهرت للوجود بشكل رئيسي مع عودة اليهود الباليين من المنفى.

كتاب مثير للجدل وفي الوقت نفسه للاهتمام على الرغم من أن سيجموند فرويد ليس خبيرا في مقارنات الأديان أو التوراة, ولكن خبرته في علم النفس والتحليل النفسي وإسمه العلمي يعطيان كتابه مصداقية لا يمكن تجاهلها. إن فرويد كان واضحا وصريحا حين ذكر أن ماكتبه في "موسى والتوحيد" ليست إلا استنتاجات وهو نفسه لم يفصل فيها رأيا قاطعا في كتابه وأنها نتيجة "استدلالات سيكولوجية." ولقد خاص سيجموند فرويد صراعا داخليا حول نشره تلك الدراسة أم لا مخافة تعرضه للاضطهاد في بلده النمسا حيث تسيطر الكنيسة الكاثوليكية على مقاليد الأمور و تضطهد المخالفين. ولم ينشر فرويد النصوص كاملة حتى سنة 1938 حين نجح في الفرار الى المملكة المتحدة إثر تعرض النمسا الى غزو من القوات الألمانية.

هناك الكثير من الشواهد على صحة كلام سيجموند فرويد حول أصول موسى المصرية وأصول الديانة التوحيدية التي اعتنقها موسى وآمن بها والتي تعرضت للتحريف اندثرت إلا بقايا في نصوص توراتية واستدلالات تاريخية تدل عليها. إن اليهود قد حرفوا نصوصهم المقدسة. كما أن العلاقة بين اليهود ونبي الله موسى لم تكن علاقة ودِّية وهو مايرجِّجُ وجهة النظر التي عرضها فرويد في كتابه بأن موسى قد تم إغتياله. نبي الله موسى قد إتَّهمَ اليهود بأنهم يتمردون ويقاومون الوحي في حياة موسى فكيف يكون حالهم بعد وفاته(تث 27:31).

أحد الأمثلة التي استعان بها فرويد واستدل بها على مصرية موسى هي عادة الختان التي كانت عادة فرعونية. الرواية التوراتية تُرجِعُ مسألة الختان الى عصر الآباء وأنها علامة على الحلف المعقود بين الله وإبراهيم. هيرودوتس(أبو التاريخ) أن الختان كان يتم تطبيقه في مصر منذ قديم الأزمان. كما أن المومياوات المكتشفة والرسوم الداخلية على الأضرحة تؤكد ذلك. ولم تكن تلك العادة منتشرة عند شعوب شرق المتوسط, الساميين والبابليين والسومريين لم يكونوا يختتنون. كما أن عادة الختان لم تكن معروفة عند الكنعانيين. فلو أن موسى كان يهوديا ويسعى الى تخليص اليهود من نير الظلم والإضطهاد الذي كانوا يتعرضون له في مصر وأنه أراد قيادتهم الى بلد ما ليتمتعوا فيها بكل عزَّة بإستقلالهم القومي, فما هي الأسباب التي سعى من أجلها الى أن يفرض عليهم عادة شاقة تسهم في تحويلهم الى مصريين؟ يذكر فرويد في كتابه أن موسى الذي خُتِنَ بصفته مصريا كان يسعى الى أن يرفع مقام اليهود الذي هاجر بهم من وطنه لكي لا يكونوا أقل قدرا من المصريين ومتميزين في الوقت نفسه عن الشعوب التي كان تسكن المناطق التي هاجروا إليها وحتى يتحاشوا الاختلاط بهم على عادة المصريين الذين يميزون أنفسهم عن جميع الأجانب.

وقد روى هيرودوس الذي زار مصر حوالي 450 ق.م أن المصريين أكثر ورعا وتقوى من سائر البشر وأنهم كانوا يمارسون عادة الختان الذين كانوا أول من أخذ بها لدواعي النظافة وأنهم كانوا يشمئزون من الخنازير. كما أنهم كانوا يجِلُّونَ الأبقار ولا يستعملونها في الأضحيات وينظرون بتعالي الى الشعوب الأخرى التي كانت أكثر نجسة في نظرهم وأكثر إبتعادا عن الآلهة. الشاعر اليهودي هنري هايني وصف عادة الختان بأنها آفة وأنها عقيدة موبوءة لمصر القديمة.

وأتوقف عند هذا القَدر حتى لا أضيِّعَ على القارئ فرصة إستكشاف المعلومات المثيرة التي يحتويها الكتاب والتي قد تكون غير مألوفة حتى لبعض المتخصصين في مقارنات الأديان في الوطن العربي. الكتاب من ترجمة جورج طرابيشي وتوزيع دار الطليعة للطباعة والنشر في بيروت, لبنان.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية









من يمتلك العالم

كتاب اليوم هو عبارة عن مقالات ومحاضرات المفكر والخبير اللغوي نعوم تشومسكي التي نشرت خلال الفترة الزمنية(2010-2012) أي خلال ذروة موسم الاحتجاجات التي عرفت باسم "الربيع العربي." بالإضافة الى مجموعة من المواضيع والمقالات التي كتبت عن المفكر الذي يوصف بأنه مشاكس وذلك في وسائل إعلام وصحف مختلفة. عنوان الكتاب هو عنوان أحد مواضيعه وهو محاضرة ألقاها في جامعة ماساتشوستس الأمريكية في أيلول/2012. الكتاب عبارة عن تلك المقالات والمحاضرات التي قام الناشر بترجمتها ونشرها مجموعة في الكتاب الذي يحمل العنوان المذكور وليس لعنوان الكتاب مرجع في دار غربية. حتى وصف الكتاب الذي ذكره الناشر ليس له علاقة بالمحتوى ولا يعبر عنه. والمضحك المبكي أن الناشر, دار نينوى, حذرت من أنه لا يجوز إستخدام الكتاب في النقل أو الإقتباس أو الترجمة من دون إذن الناشر في الوقت نفسه الذي لايذكر الناشر أنه حاصل على إذن من نعوم تشومسكي ولا على إذن من الصحف ووسائل الإعلام التي نشرت مقالاته لترجمتها وتجميعها في كتاب وإطلاق اسم عليه.

على كل حال, إن الأفكار التي يحتويها الكتاب مازالت أفكار نعوم تشومسكي وهي تدور حول مواضيع مختلفة مثل انتقاده للسياسة الخارجية الأمريكية, الديمقراطية, الربيع العربي, السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وحتى الأكراد. كما أن القسم الثاني من الكتاب يحتوي على مقالات ومواضيع كتبت عن نعوم تشومسكي في وسائل إعلام مختلفة. ولكن هناك بالفعل فكرتين رئيسيتين سوف أتحدث عنهما في معرض تقديمه للكتاب هما: من يمتلك العالم, الأكراد والإسلام الراديكالي.

من يملك العالم هو من يملك سلطة اتخاذ القرار ومن يمتلك تلك السلطة هو من يمتلك المال. الإنتخابات والديمقراطية والحرية كلها مصطلحات رنانة يتم تلميعها وترويجها بفضل بروباغندا كاذبة وآلة إعلام مضللة والكثير من المال, مهرجانات استعراضية يطلقون عليها إنتخابات تذكرني بمباريات المبارزة في كولوسيوم العاصمة الرومانية. ولكن المهم أن نعلم أن من يقرر نتيجة الإنتخابات في المحصلة هم من يحصون الأصوات وليس من يصوتون. الأمثلة كثيرة وواضحة ولعل أهمها يأتي من الولايات المتحدة التي توصف بأنها حصن الديمقراطية وقلعتها ولكن شخصا مثل روجر ستون يمكنه بحيل وألاعيب قذرة من التلاعب بنتيجة الإنتخابات أو التأثير فيها. عندما فاز باراك أوباما في الإنتخابات الرئاسية 2008/2009, كان روجر ستون المعروف بأنه من المؤيدين للحزب الجمهوري قد أطلق حملة من الإشاعات والأكاذيب استهدفت شرعية الرئيس الديمقراطي الجديد لأنه ولد خارج الولايات المتحدة وبالتالي فإنه لايحق له تولي منصب رئيس الولايات المتحدة. أعداء روجر ستون يتهمونه بأنه متورط في شبكة لتبادل الزوجات في حفلات جماعية صاخبة. الإشاعات حول تزوير الإنتخابات الرئاسية التي فاز بها جورج بوش الإبن سنة 2000 و 2004 كانت قوية. كما أن خصوم الرئيس الحالي دونالد ترامب يتهمونه بتزوير الإنتخابات. إنها أفضل ديمقراطية يستطيع المال شرائها.

إن المقابلة التي أجراها هيثم ناصح من موقع تشومسكي إنفو مع المفكر نعوم تشومسكي سنة 2012 والتي كانت بعنوان "الأكراد ضمن الربيع العربي وأزمة الشرق الأوسط" لا تحتوي على أي ذكر للأكراد إلا في ذيل المقابلة. ولكن وجهة نظر المفكر الأمريكي الأشهر أن العرب والأكراد كما يرى تشومسكي ناضلوا معا ضد الإستعمار ولكن العرب لديهم دولة والأكراد بقيوا بدون دولة أو كيان يجمعهم وأن حالة اللادولة لها علاقة بمشكلات الأكراد, ولكن في الوقت نفسه, حالة الدولة لو نجح الأكراد في تأسيس دولتهم الخاصة, سوف يترتب عليها مشكلات كثيرة. أكراد العراق على الأقل قد يكونون مهيئين لتحمل تبعات ومشكلات تأسيس دولة ولكنهم في الوقت نفسه محاطون بقوى معادية أو بالكاد تتحملهم. مشكلة الأكراد, وذلك رأي شخصي تشبه مشكلة دولة الكيان الصهيوني, كيان لقيط رسمته خرائط سايكس-بيكو, قنبلة موقوتة قابلة للإنفجار بأي لحظة استعداداً لرسم خرائط جديدة تحت مسمى سايكس-بيكو 2 وهلم جرا. هل كان المخططون قادرين سنة 1916 على رسم حدود المنطقة ومنح دولة مستقلة للأكراد؟ الإجابة هي نعم. الأكراد لم ولن يفهموا أنهم أدوات بيد الغرب يتم استخدامها والتخلص منها عن انتفاء الحاجة إليها وهم ليسوا مهتمين إلا بتأسيس دولة حتى لو كانت كرتونية و هشة البنيان. كما أنهم يظنون أن المستقبل سوف يبتسم لهم وأن دولتهم المزعومة سوف تتحول الى سويسرا الشرق الأوسط, القيادات السياسية الكردية فاسدة حتى النخاع وقد تاجرت بالقضية الكردية ولديها حسابات بنكية في الخارج متخمة بالأموال. الأكراد يُخرِجون أنفسهم من حفرة حتى يقعوا في حفرة أخرى وذلك هو حالهم.

الكتاب عبارة عن مجموعة من مقالات ومحاضرات نعوم تشومسكي التي ألقاها في مناسبات مختلفة ومجموعة من المقالات التي كتبت عنه وذلك عمل قامت به دار نشر نينوى. ولأن كتاب "صناعة الوعي: الاقتصاد السياسي لوسائل الإعلام" كان عملا مشتركا مع مؤلف آخر هو إدوارد هيرمان, فقد قررت أن أقدِّم للقارئ أكثر من كتاب لأحد أكثر المفكرين شهرة في الولايات المتحدة والعالم وذلك ضمن مشروعي بالكتابة عن مائة مؤلف وكاتب قرأت لهم كتبا أعجبتني وقررت تقديمها للقارئ العربي لما رأيت فيها من فائدة.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


















صناعة المستقبل

عندما نقرأ أحد كتب البروفيسور والمفكر الأمريكي المناهض للسياسات الأمريكي نعوم تشومسكي فعلينا أن نتوقع الكثير من المفاجئات التي سوف تجبرنا على أن نفتح أفواهنا من الدهشة, كيف يمكن حقا أن يحصل ذلك في العالم؟ وقد كنت قد قدمت للكاتب الكبير كتابين ضمن مشروعي عن مائة مؤلف وكاتب, الكتاب الأول كان بعنوان "من يمتلك العالم" وهو عبارة عن مجموعة مقالات للكاتب الكبير تم جمعها في كتاب بمبادرة من دار نينوى للنشر في سوريا وليس من دار نشر أجنبية على علاقة بنعوم تشومسكي, والكتاب الثاني "صناعة الوعي: الاقتصاد السياسي لوسائل الإعلام(Manufacturing Consent: The Political Economy of the Mass Media)" كان عملا مشتركا مع كاتب آخر هو إدوارد هيرمان. كتاب "صناعة المستقبل" هو عبارة عن مجموعة من المقالات التي كتبها نعوم تشومسكي ونشرت بالتعاون معه من دار نشر أضواء المدينة(City Lights) في مدينة سان فرانسيسكو.

كتاب "صناعة المستقبل" عبارة عن مجموعة من المقالات التي نشرها نعوم تشومسكي في وسائل إعلام مختلفة خلال الفترة (2007-2012) حيث حظر الكتاب من المراقبين العسكريين في معتقل غوانتانامو ومنع المعتقلون من قرائته بسبب معارضة الروايات الرسمية للأحداث السياسية الرئيسية. ولقد كان نعوم تشومسكي معارضا عنيدا ومازال لروايات وسائل الإعلام الرئيسية المؤيدة للنخب السياسية الأمريكية حول أحداث مثل حروب الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان, سباق الرئاسة الأمريكية, صعود الصين, تحول أمريكا اللاتينية نحو اليسار, غزو دولة الكيان الصهيوني قطاع غزة وتهويد القدس والتوسع في بناء المستوطنات, قضية التغير المناخي, الأزمة المالية العالمية وقضايا أخرى كثيرة.

يتهم نعوم تشومسكي النخب السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة والتي تهيمن على دوائر صنع القرار في العاصمة واشنطن بأنها تعمد الى تعقيد مشاكل العالم بدلا من حلها. غزو العراق هي أحد الأمثلة التي يمكن من خلالها أن نفهم وجهة نظر تشومسكي الذي عارض الحرب منذ البداية وعارض دعاوى الحروب التوسعية وأوهام الإمبراطورية الأمريكية. وقد قام نعوم تشومسكي بتوجيه الإنتقادات إلى المحافظين والليبراليين الذين اتهمهم بأنهم عارضوا الحرب على العراق ليس من منطلق دوافع إنسانية بل بسبب تكاليفها الكبيرة واحتمال الخسائر البشرية المرتفعة. ومن الليبراليين الذين اتهمهم بالانتهازية الرئيس السابق بيل كلينتون والرئيس السابق باراك أوباما. بينما وجه انتقاداته الى المحافظين حول النوايا الحقيقية لعملية غزو العراق فتم اتهامه في المقابل بأنه وقع في فخ شيطنة الولايات المتحدة.

كما أن نعوم تشومسكي يتخذ موقفا مؤيدا لأحداث الربيع العربي حيث عبر عنه في هذا الكتاب وغيره وفي مقالات ومقابلات صحفية مع وسائل إعلامية مختلفة في دول غربية وفي الوطن العربي. المعارضون يرون أن خطر التشدد الإسلامي يحتم معارضة الديمقراطيات الوليدة بينما يعبر تشومسكي عن وجهة نظره حول ذلك بأنه وإن كان قد يكون صحيحا إلا أن الصياغة مضلل وأن الخطر الذي تتخوف منه الولايات المتحدة ودول غربية أخرى هو الإستقلال عن التأثير والهيمنة الأمريكية. الولايات المتحدة دعمت ديكتاتوريات دينية في السابق مثل ضياء الحق في باكستان ودعمت دولا إسلامية متشددة بهدف تفادي وصول العلمانية الوطنية الى كرسي الحكم.  وفي رومانيا, حيث حافظت على دعمها للرئيس الروماني نيكولاي تشاوشيسكو حتى آخر لحظة قبل أن تتخلى عنه و فرديناند ماركوس في الفلبين و سوهارتو في إندونيسيا وقدمت الى كولومبيا مساعدات عسكرية ضخمة على الرغم من سجلها السيئ في حقوق الإنسان.

إن عالم السياسة والمصالح يمتلئ بالمتناقضات والأحداث الغامضة حتى على من يظن نفسه خبيرا بها. وماعلى الشخص إن أراد أن يفك ألغاز عالم السياسة الغامض إلا أن يتابع قراءة مؤلفات وكتب  ومقالات نعوم تشومسكي الذي يقدم بخبرته الواسعة في عالم السياسة ومعارضة الحرب وسياسات بلاده الداخلية والخارجية تفسيرات بسيطة و تحليلا واقعيا للأحداث الرئيسية في العالم بحيث تبدو منطقية ومعقولة إلى حد كبير.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية




Tuesday, October 25, 2022

أين تُصنع ملابسنا؟: رحلةٌ حول العالَم لمقابَلة صنَّاع الملابس‎

قد يعتقد البعض أنَّ تأليف الكتب هي مهمة سهلة للغاية, تجلس في مكتب أمام جهاز الكمبيوتر الخاص بك بضعة ساعات كل يوم ثم بعد عِدَّة أشهر يتط طباعة كتابك. الأمر على أرض الواقع مختلف تماما وقد يتطلب عدة أشهر من السفر والمخاطرة ربما بحياتك والتعرض الى مضايقات. أفضل الكتب التي يمكن قراءتها هي الكتب التي أنتجتها التجربة التي عايشها الكاتب بنفسه يوما بيوم, أشبه مايكون بكتابة مذكراتك أو أنَّ قرائتها أشبه ماتكون بقرائة دفتر يوميات شخص ما. الصورة التي ينقلها الكاتب أشبه ماتكون بواقعية تجعلك تحس بها, تفرح أو تحزن للشخصيات التي ذكرها الكاتب كأنك تعيش القصة بنفسك.

هناك عدد قليل من الكتاب والمؤلفين الذين قرأت لهم والذي يعتبرون أن ممارستهم التأليف والعمل الصحفي هو عمل واقعي يتطلب الحضور في مكان الأحداث ومقابلة أكبر عدد ممكن من الأشخاص والإستماع إليهم, وليس الجلوس وراء المكتب وشاشات أجهزة الكمبيوتر. الصحفي الأمريكي جيرمي سكاهيل مؤلف كتاب "حروب قذرة, العالم ساحة المعركة" هو أحدهم بينما المؤلف الآخر الصحفي الأمريكي المستقل كيلسي تيمرمان والذي كتابه " أين تُصنع ملابسنا؟: رحلةٌ حول العالَم لمقابَلة صنَّاع الملابس‎" هو محور الحديث اليوم والكتاب رقم ٤٠ الذي أتحدَّثُ عنه في مدونة مائة كاتب وكتاب.

عندما أراد مؤلف الكتاب أن يعرف أين تصنع الملابس التي يرتديها, فتح خزانة ملابسه حتى يعرف بنفسه أين تمَّ صنعها. ولكنه لم يكتفي بذلك بل سافر الى بنغلاديش, هندوراس, كمبوديا والصين حيث عايش حياة السكان المحليين الذي يعملون في صناعة الملابس ودخل منازلهم وتناول الطعام على موائدهم وتشارك معه ذكرياته وشاركوه هم بدورهم ذكرياتهم والتي كان الكثير منها مؤلما للغاية. 

كيلسي تيمرمان صحفي لا يخشى أن يخوض التجربة بنفسه ويكتب عنها بمنتهى الواقعية. خلال زيارته الى هندوراس في رحلة بحثه عن المصنع الذي قام بحياكة قميص التي شيرت المفضل لديه, التقى بعامل يدعي أميلكار والذي استمرت صداقته معه حيث وصف في الكتاب كيف بدأت حين التقى به في مدينة سان بيدرو سولا في هندوراس قرب أحد مصانع المنسوجات وكيف نجح في التواصل معه بعد وصوله الى الولايات المتحدة من خلال سلوك طرق التهريب حيث تعرض الى مخاطر الخطف والقتل على أيدي عصابات لاترحم وتقتل كل من يرفض أهله طلب دفع الفدية. تحدَّث الكاتب عن عربفة, عاملة في أحد مصانع الملابس في العاصمة البنغلاديشية دكا التي تكافح من أجل إطعام أسرتها وبناء مستقبل لهم. عريفة عملة الملابس البسيطة التي كانت تعيش في زقاق ضيق في أحد مناطق العاصمة دكا بدون الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة, بدون صرف صحي أو مياه جارية, كانت كريمة مع المؤلف حين زار منزلها قامت بطهي أرز مستورد غالي الثمن على شرف زيارته وحضوره الى منزلها.

هناك الكثير من الشخصيات التي تحدَّث عنها الكاتب بأسلوبه المشوِّق و وصف حياتها وكفاحها بطريقة تجعل القارئ لا يتوقف إلا في نهاية الكتاب وذلك ما حصل معي شخصيا.

الكتاب متوفر مجانا للتحميل من على موقع مكتبة هنداوي وكذلك هو متوفر للقراءة من على الموقع مباشرة.

رابط الكتاب على موقع هنداوي:

https://www.hindawi.org/books/31306851/

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


Wednesday, October 12, 2022

Saving Capitalism_ For the Many, Not the Few

الولايات المتحدة في السابق كانت تتميز بطبقة وسطى غنية ومزدهرة. ولكن هذه الطبقة الوسطة منذ نهاية عقد السبعينيات آخذة في الاضمحلال وسط اتساع التباين في توزيع الثروة لم تشهد البلاد مثله خلال الثمانين سنة السابقة. وقد إزداد ذلك التباين مع صعود المدرسة الاقتصادية النيوليبرالية التي كان عرابها بروفيسور الاقتصاد في جامعة شيكاغو ميلتون فريدمان و انتخاب رونالد ريغان رئيسا للولايات المتحدة ومارغريت تاتشر رئيسة وزراء المملكة المتحدة.

يتحدث روبرت رايخ في كتابه "Saving Capitalism_ For the Many, Not the Few" عن اتساع الهوة الطبقية في الولايات المتحدة وازدياد اللامساواة بين الفقراء الذين يزدادون فقرا والأغنياء الذين يزدادون غنى. يقدّم رايخ وجهة نظر نقدية للوضع الراهن الاقتصادي والسياسي الذي لم يعد يخدم الأكثرية من الشعب الأمريكي بل قلة مسيطرة من رجال الأعمال ومدراء وأعضاء مجالس ادارة كبريات الشركات الاستثمارية والبنوك في شارع وول ستريت. السوق الحرَّة ليست الا خرافة, فمن يضع قواعدها وقوانينها؟ إنهم نفس الأشخاص الذين يملكون ناصية الأمور في العاصمة واشنطن, هم نفس الأشخاص الذين يسمح لهم بتجاوز قوانين وقواعد اللعبة على حساب صغار المستثمرين والشركات والعاجزين عن سداد أقساط المنزل أو السيارة الذي سوف يكون مصيرهم السجن. أما من هم أكبر من ان تسمح لهم الحكومة بالفشل, يستفيدون من الإعفاءات الضريبية وقوانين حماية الإفلاس وتقوم الحكومة بإنقاذهم ومكافأتهم على فشلهم وذلك على حساب دافعي الضرائب. السلطة السياسية تكون حيث تتركز الثروة ورأس المال. ويذكر رايخ في كتابه نقلا عن لويس برانديز(1856-1941), أحد قضاة المحكمة الأمريكية العليا:""يمكن أن تكون لدينا ديمقراطية أو يمكن أن يكون لدينا ثروة كبيرة في أيدي قلة قليلة ، لكن لا يمكننا الحصول على الاثنين."

إن عجز الرأسمالية وفشلها في منع الكوارث والأزمات الإقتصادية أو تقديم تحليل سليم وعقلاني لأسبابها قد أدى الى فقدان الثقة في النظام الرأسمالي. إن ذلك كان واضحا خلال أزمة الرهون العقارية 2008 في الولايات المتحدة التي كادت أن تؤدي إلى انهيار النظام الإقتصادي العالمي والفوضى التي تعقب ذلك. الجميع كان يبحث عن إجابات حتى لو كانت مؤلفات كارل ماركس خصوصا كتاب "رأس المال" الذي شهدت مبيعاته ازدهارا غير مسبوق. يتشارك روبرت رايخ في آرائه مع الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي مؤلف كتاب "رأس المال في القرن الواحد والعشرين" الذي وبعد عشر سنين من العمل مع عدد من زملائه من خبراء الإقتصاد, أن التهرب الضريبي خصوصا الملاذات الضريبية والإعفاءات التي يحصل عليها الأثرياء وتراخي القوانين المالية والإقتصادية بذريعة تشجيع الاستثمار والمستثمرين هي أحد أسباب الأزمة التي تعاني منها الرأسمالية.

إن وجهة النظر التي يعرضها رايخ في كتابه حول أزمة الرأسمالية تعتبر إيجابية نوعا ما مقارنة بغيره ممن يتمنون زوال النظام الرأسمالي ويعتبرونه شرا بالمطلق. إصلاح النظام الرأسمالي وليس إلغائه هي الوسيلة التي يرى رايخ أنها الأنسب لمعالجة الوضع القائم الذي يقترب من مرحلة اللاعودة بخطى متسارعة.  من وجهة نظر الكاتب, هناك خمس مبادئ  أساسية للنظام الرأسمالي التي تدعم مفهوم السوق الحر(Free Market) حيث يعتبر ذلك هو جوهر النظام الرأسمالي. المبادئ الخمسة هي: الملكية(Property), الاحتكارات(Monopoly), العقود(Contract), الإفلاس(Bankruptcy) وسيادة القانون(Enforcement). وفي كتابه, يتحدث رايخ بالتفصيل عن كل مبدأ من تلك المبادئ الخمسة. ولكن الأهم أن رايخ يتحدث عن الخطر الذي يهدد النظام الرأسمالي, ذلك الخطر الذي لا يفهمه أصحاب الثروات ورؤوس الأموال, أنه عندما تتوقف الرأسمالية عن تحقيق المكاسب للأغلبية, فإنها سوف تتوقف عندئذ عن تحقيق المكاسب للجميع. فعندما تشعر تلك الأغلبية بخيبة الأمل وأن النظام غير عادل وأن جهودهم الشاقة لا تؤتي ثمارها, ينتهي المطاف بالجميع الى الخسارة, وتنتشر الظواهر السلبية مثل الغش, الخداع , عمليات الاحتيال, السرقة وفقدان الثقة. ويقترح المؤلف في كتابه مجموعة من الإصلاحات لإنقاذ الرأسمالية منها تقليص فترة الإمتياز الحصري لبراءة الاختراع وحقوق النشر والتوزيع, تعديل القوانين التي تجعل الشركات تجبر أصحاب الإمتياز على التحكيم القسري وسحب حقوق امتيازهم لأسباب ثانوية, رفع الحد الأدني للأجور ليعادل متوسط الأجر ويناسب مستوى التضخم, حرية الانضمام الى النقابات أو تشكيل نقابات, وتعديل قوانين مكافآت وامتيازات مدراء الشركات الكبرى وأعضاء مجلس إدارتها.

روبرت رايخ ليس شخصا عاديا بل هو أستاذ جامعي أمريكي وسياسي عضو في الحزب الديمقراطي وشغل عدة مناصب حكومية مرموقة منها منصب وزير العمل خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس بيل كلينتون. كما أنه قام بالتدريس في عدة جامعات أمريكية مرموقة منها جامعة هارفارد, جامعة كاليفورنيا بيركلي وجامعة براندايس. ولذلك فإن كتاب "إنقاذ الرأسمالية, من أجل الأغلبية وليس الأقلية" قد لقي صدى واسعا بسبب خلفية المؤلف الأكاديمية وارائه في كتبه السابقة والمواضيع التي ينشرها في عدد من الصحف الأمريكية. كما أن الكتاب قد تحول الى فيلم وثائقي بنفس العنوان تم عرضه على شبكة نيتفلكس للأفلام وتلقى عددا كبيرا من المشاهدات.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


الحرب عبارة عن خدعة(War is A Racket)

كان سميدلي دارلنجتون بتلر(١٨٨١-١٩٤٠) أكثر ضباط الجيش الأمريكي حصولا على الأوسمة بلغ عددها ١٦ وساما خمسة منها للأعمال البطولية وكان واحدا من ...