كتاب "صناعة الهولوكوست" هو محاولة شجاعة من بروفيسور العلوم السياسية الأمريكي اليهودي نورمان فينكلستاين لفضح وتعرية ليس فقط أكذوبة الهولوكوست, بل إستغلال المحرقة النازية بحق اليهود وسيلة لابتزاز التعويضات من العالم خصوصا من ألمانيا, سويسرا ودول أوروبية أخرى. تجربة والدي نورمان فينكلستاين الناجين من معسكرات الإعتقال النازية جعلته مدافعا شرسا عن العرب والقضية الفلسطينية وضد الصهيونية التي أضرت باليهود و استغلتهم في سبيل تحقيق أجندات سياسية. وقد يظن البعض أن تلك التجربة التي رواها له والداه عن نجاتهما من معسكرات المحرقة النازية وعن أفراد الأسرة والأقارب الذين قضوا نحبهم جميعا في تلك المعسكرات قد تورثه الحقد والبغضاء وتجعله مدافعا عن قضية وطن قومي لليهود في فلسطين, ولكن نورمان فينكلستاين أثبت للجميع شجاعته و حياديته ونزاهته الأكاديمية وسلامة آرائه من التحيز.
صحيفة الغارديان البريطانية وصفت الكتاب تاريخ صدوره سنة ٢٠٠١ بأنه أكثر الكتب إثارة للجدل خلال السنة. الكتاب أعيد طباعته مرة ثانية سنة ٢٠٠٣ وتمت ترجمته الى ١٦ لغة منها العربية حيث استمر الجدل حول مؤلفه الذي تمت إقالته من منصبه الأكاديمي في جامعة ديبول(DePaul) وهو التصرف الذي أثار احتجاجات أكاديمية داخل وخارج الولايات المتحدة. صحيفة التايمز وصفت الكتاب بأنه محاولة من البروفيسور الأمريكي اليهودي لفضح أولئك المحتالين الذين يستغلون قضية المحرقة وكشف وجههم القبيح. صحيفة لوس أنجلوس تايمز وصفت نورمان فينكلستاين بأنه في أفضل حالاته عن يفضح أولئك الذين يستغلون المحرقة. مجلة الإيكونوميست وصفت الآراء التي عبَّر عنها نورمان فينكلستاين في كتابه بأنها تستحق الدراسة والتمحيص.
يرى بعض الأكاديميين اليهود في الولايات المتحدة خصوصا الحاخام رابي وولف(Rabbi Wolf) جامعة ييل الأمريكية أن الهولوكوست قد تم بيعه وليس تعليمه. محرقة الهولوكوست قد تعرضت الى ما التسليع(commoditization), تحولت الى سلعة يتم بيعها وشرائها, مشروع استثماري تجاري الهدف منه هو تحقيق الربح. المنظمات الصهيونية التي تزعم دفاعها عن الناجين من الهولوكوست أو ورثتهم قامت بقبض مئات الملايين من الدولارات تعويضات بدون أن تمنح منها إلا النذر اليسير للضحايا أو أسرهم أو ورثتهم. الهولوكوست تحول الى وسيلة لابتزاز الدول الأوروبية حتى تلك التي لم تشارك بقواتها الى جانب ألمانيا النازية في قتل اليهود, أجبرت على الاعتذار ودفع التعويضات بذريعة رفضها استقبال لاجئين يهود فارين من المحرقة ومجازر النازيين. البنوك السويسرية تم استهدافها بذريعة أنها رفضت تسليم حسابات بنكية لورثة ضحايا الهولوكوست أو اليهود الذين نجحوا بالفرار من جرائم النازية في أوروبا. تعويضات ضحايا الهولوكوست التي وافقت البنوك والحكومة السويسرية على دفعها بلغت ١.٢٥ مليار دولار حيث تم تأسيس صندوق لمساعدة ضحايا الهولوكوست سنة ١٩٩٧ بلغت قيمته ٢٠٠ مليون دولار فقط. وفي الوقت نفسه, وبعد سنتين من تأسيس الصندوق, فقد بلغت قيمة التعويضات التي تم توزيعها ١٠٠ مليون دولار بينما تم صرف باقي أموال التسوية, ١.١٥ مليار دولار الى منظمات صهيونية زعمت أنها سوف تستخدمها لأهداف تعليمية وتثقيفية.
صفحات الكتاب تمتلئ بالتفاصيل التي يكشف من خلال البروفيسور نورمان فينكلستاين جذور الضجة الإعلامية التي تثار حول الهولوكوست خصوصا خلال الفترة التي تلت حرب ١٩٦٧ وتحول دولة الكيان الصهيوني الى حليف مهم وحيوي للولايات المتحدة في المنطقة. الكتاب يستحق القراءة وهو متوفر باللغة العربية من منشورات دار الآداب, ترجمة وتحقيق سماح إدريس.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment