إن الكتابة في التاريخ تعتبر أحد أكثر أنواع الكتابة والتأليف صعوبة. ولكن الكتابة عن شخصية مثل ديكتاتور ألمانيا النازية هتلر تزيد الأمر صعوبة ليس بسبب عدم توفر الوثائق التاريخية أو المعلومات بل بسبب صعوبة التزام المؤلف الحيادية وخلو الكتاب من أي مواقف أو آراء شخصية. ايان كيرشو هو أحد أفضل المؤرخين البريطانيين المتخصصين فهو ليس مجرد صحفي أو كاتب مبتدئ بل يشغل منصب بروفيسور لمادة التاريخ المعاصر في جامعة شيفلد البريطانية وحاصل على لقب فارس من الملكة إليزابيث وعدة جوائز لمساهمته في مجال الكتابة والتأليف منها جائزة الأكاديمية البريطانية للكتاب.
يصنَّف الكتاب كأحد أفضل كتب السيرة الذاتية التي تتحدث عن الزعيم النازي أدولف هتلر من ولادته وحتى زفاته المزعومة منتحرا في قبو مخبأه أسفل مبنى المستشارية في العاصمة الألمانية برلين. يحاول ايان كيرشو في كتابه الإجابة على سؤالين مهمين: السؤال الأول هو كيفية وصول أدولف هتلر لمنصب المستشارية والحاكم المطلق لألمانيا, بينما السؤال الثاني كيف تمكن من ممارسة الحكم في بلد ذو تركيبة معقدة ليس فقط على المستوى الداخلي بل على مستوى السياسة الخارجية بكل تشابكها وتعقيدها.
خلال الفترة التي سبقت سنة ١٩١٨م, لم تكن هناك أي إشارة الى بروز كقائد محتمل لألمانيا خصوصا الدائرة المحيطة حيث كانت شخصيته تنقصها الكاريزما والصفات القيادية. ولكن كل ذلك تغير في سنة ١٩١٩م حيث بدأ ينظر إليه بكراهية من قبل أعدائه السياسيين, تلك السنة كانت أول الطريق للمراسل الحربي في الجيش الألماني الذي سوف يتسلم منصب المستشارية خلال سنوات قليلة ويقود الجيش الألماني الى الحرب العالمية الثانية والمانيا الى التدمير والفناء.
أدولف هتلر أو أدولف ألويس هتلر لم يكن الإسم الأصلي للعائلة حيث قام والد هتلر, الويس , بتغييره من تشيكلجروبر (Schicklgruber) التي كانت تلفظ بصعوبة إلى (Hitler) حيث اشتهر الزعيم النازي بإسم عائلته وكان ينادى به. ولد هتلر سنة ١٨٨٩م في بيرونو وهي مدينة تقع فيما ما كان يعرف بالإمبراطورية النمساوية-المجرية. والد هتلر كان يعمل موظفا في الجمارك بينما والدته كلارا بولزل(Klara Pölzl) كانت ربة منزل. وقد كان هتلر مقربا من والدته التي كانت تغدق عليه من حنانها بعكس والده الذي كان معروفا بأنه صعب المراس حيث كان يرغب بأن يتلقى إبنه التدريب المناسب ويلتحق بوظيفة حكومية ولكن هتلر كان يرغب في دراسة الرسم.
عاش هتلر حياة بائسة في طفولته وشبابه حيث توفيت والدته سنة ١٩٠٧م وكان خلال الفترة التي سبقت ذلك يعيش على إعانة حكومية تقدم للأيتام ومبلغ مالي بسيط ترسله إليه والدته. عاش هتلر شبابه في فيينا في مأوى للمشردين ثم في سكن مشترك للعمال الفقراء. وقد كان يعيش حياة متقشفة حيث يدخر المال لشراء الكتب وحضور حفلات الأوبرا. كما عمل رساما يبيع لوحاته الى التجار والسائحين. تم رفض قبوله في أكاديمية الفنون مرتين وفشل في الالتحاق بدراسة الهندسة المعمارية في الجامعة لأن ذلك كان يتطلب الحصول على الشهادة الثانوية بينما هو ترك مقاعد الدراسة في سن السادسة عشرة.
كتاب هتلر(Hitler) لقي إشادة عالمية كأحد أفضل أعمال السيرة الذاتية التي تروي قصة حياة شخصية جدلية مثل زعيم ألمانيا النازية أدولف هتلر منذ ولادته وحتى وفاته. فقد أشاد بالكتاب ومؤلفه المؤرخ الإسكتلندي المشهور نيال فيرغسون في صحيفة الصنداي تلغراف, المؤرخ البريطاني مايكل بيرلي في صحيفة الفاينانشيال تايمز وفي صحيفة ميل أند صن التي وصفت الكتاب بأنه إنجاز رفيع على أعلى مستوى. النسخة التي بين يدي هي من منشورات دار بينجوين(Penguin Books) حيث كان الكتاب عبارة عن جزئين, الأول بعنوان (Hitler, ١٨٩٩– ١٩٣٦: Hubris first) ونشر سنة ١٩٩٨م, والكتاب الثاني بعنوان (Hitler, 1936– 1945: Nemesis) والذي نشر لأول مرة سنة ٢٠٠٠م. ولكن تم توحيد الجزئين في طبعة واحدة صدرت سنة ٢٠٠٨م كتب مقدمتها ايان كيرشو(Ian Kershaw) من مدينة مانشيستر بتاريخ أغسطس/٢٠٠٧م.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment