Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, April 26, 2023

نظام التفاهة

صدرت أخيراً ترجمة الكتاب الذي انتظرته طويلا, "نظام التفاهة" تأليف آلان دونو أستاذ الفلسفة والعلوم السياسية في جامعة كيبيك الكندية. وقد كنت حريصا في مشروع مائة مؤلف وكتاب على أن أتابع كل ماهو جديد في عالم النشر والتأليف وأضيف أحد المؤلفين وأحد كتبه المميزة التي قرأتها الى القائمة. ولكن مؤلفات آلان دونو باللغة الفرنسية التي لا أتقنها. وقد  أعجبتني فكرته حين سمعت به أول مرة حيث نشر وصدرت طبعته الأولى سنة 2015 وتم ترجمته الى اللغة العربية سنة 2020. وقد قرأت أن هناك ترجمة باللغة الإنجليزية للكتاب وإن كنت لم أعثر عليها ولذلك اقتضى التنويه.

آثار آلان دونو الكثير من الجدل في كندا وهي أحد البلدان التي تتمتع بتقاليد راسخة من إحترام حرية الرأي والتعبير. ولكن تلك التقاليد الراسخة والضاربة في الجذور لم تمنع شركات التعدين الكندية من مقاضاته بسبب كتاب "Noir Canada: Pillage, corruption et criminalité en - كندا السوداء: النهب والفساد والإجرام في أفريقيا," والذي انتقد فيه شركات التعدين الكندية وممارساتها في القارة السمراء. كما أن آلان دونو قد أثار الجدل حوله بسبب كتاب آخر قام بتأليفه, "Canada: A New Tax Haven," ويتحدث فيه عن العلاقة بين رجال أعمال وأثرياء كنديين والملاذات الضريبية المختلفة خصوصا في الجزر الكاريبية وجزر العذراء البريطانية. وقد قام الكاتب بالتلميح أنه بسبب تلك العلاقة, تحولت كندا الى ملاذ ضريبي حيث يقوم رجال أعمال بفتح حسابات بنكية في الملاذات الضريبية وتسجيل شركاتهم هناك بدون مسائلة أو محاسبة من الحكومة الكندية.

كتاب "نظام التفاهة" ليس أقل جدلية من مؤلفات آلان دونو السابقة لأن المؤلف هو أكثر قدرة على الجدال وتقديم الحجج العقلية والمنطقية بسبب منصبه الأكاديمي وتخصصه في مجال الفلسفة وعلم الاجتماع. فكرة الكتاب بإختصار أننا نعيش عصرا نشهد فيه على طوفان من التفاهة والسطحية حيث نجح أولئك التافهين في الوصول الى مفاصل الحكم والسياسة وكافة المؤسسات التعليمية والإقتصادية وأصبحوا هم حزب الأغلبية حيث يحاولون إقصاء خصومهم بشتى الطرق. هناك صعود غريب لقواعد تتصف بالرداءة والانحطاط: تفضيل الكم على النوع, إهمال معايير الجودة, بروز الأذواق الوضيعة, تهميش منظومة القيم وأهل الكفائة وتسخير كافة القدرات والإمكانيات من أجل خدمة السوق تحت شعارات مثل حرية الأسواق و شعار دعه يعمل, دعه يمر.

قرأت الكتاب خلال فترة زمنية قياسية وعلى الرغم من صعوبة فهم بعض المصطلحات والمفاهيم, ولكن مالفت نظري هو تناوله بالنقد الحاد مستوى التفاهة الذي وصل إليه النظام التعليمي حتى في الدول الغربية التي تم تسخيره بكامله لخدمة الشركات حيث تحولت الجامعات الى أداة تجارية في خدمة اقتصاد السوق دون أي إعتبارات أكاديمية أو أخلاقية. ولأنني أعتبر أن النظام التعليمي السليم هو حجر أساس في بناء مجتمع صحي ولأن الكاتب مواطن في إحدى دول الغرب التي تتفاخر بعراقة نظامها التعليمي, فقد إخترت في ختام الموضوع أن أتناول بإختصار بعض ما جاء في كتاب "نظام التفاهة" عن التعليم والمؤسسات التعليمية الجامعية خصوصا في كندا, بلد المؤلف.

يرى الكاتب أن الواقع بدأ بفرض نفسه على عالمنا. فعلى سبيل المثال, الجامعات أصبحت ممولة من الشركات التجارية التي تملي شروطها بسبب تقديمها المنح حيث يعمل الأساتذة والباحثون على المشاريع التي تخدم أغراض وأهداف تلك الشركات. أي أكاديمي يخالف وجهة النظر المهيمنة التي تفرضها تلك الشركات سوف تتم تنحيته أو مضايقته عبر حرمانه من المنح والتمويل لأبحاثه ودراساته. في كتاب "من دون علامة تجارية," تتفق الكاتبة والناشطة الكندية نعومي كلاين مع وجهة نظر المؤلف على الرغم من أن كتابها قد مضى على تأليفه أكثر من عشرين عاما. الجامعات كما ترى كلاين قد تحولت الى منابر دعاية مجانية للشركات وميدان لإختبار أساليب جديدة في الدعاية والتسويق حيث بدأت الجامعات في تركيز جهودها في ذلك المجال. وقد لاحظت نعومي كلاين خلال زيارتها الحرم الجامعي لعدد من الجامعات من أجل قيامها بإجراء الأبحاث لكتابها "من دون علامة تجارية," أن الطلاب قد بدأوا بالتذمر من ذلك الغزو التجاري للشركات الذي وصل الى الحمامات التي لاتخلو من الملصقات الدعائية. الجامعات تحولت الى مؤسسات تجارية وبدأت بالتخلي عن أهدافها التعليمية حيث تقوم باستثمار أموالها في مشاريع بدون أي شفافية حول كيفية إنفاق الأموال. بل إن جامعات في دول غربية مثل جامعة كيبيك في كندا, جامعتي أكسفورد وكامبريدج في بريطانيا وكولومبيا و ستانفورد في الولايات المتحدة, متهمة بالتهرب الضريبي وإيداع أموالها وفتح حسابات بنكية في ملاذات ضريبية منها جزر العذراء البريطانية.

الكتاب يقدم نظرة عميقة حول عالمنا الذي نعيش فيه وكيف سيطر عليه وتحكم في مفاصل صنع القرار فيه أشخاص سطحيين وتافهين يقومون بتنحية منافسيهم بشتى الطرق والوسائل الممكنة. لن تقرأ عن كتاب "نظام التفاهة" كثيرا في الصحف الغربية خصوصا الكندية التي تمنح تقييمات مرتفعة لكتب لا قيمة لها بينما تستبعد الكتب التي تحمل قيما فكرية وثقافية ومعرفية لأنها تخالف الواقع الذي نعيشه والذي نجح التافهون في فرضه. إن قوائم الكتب الأكثر مبيعا هي الأقل في قيمتها الفكرية كما ذكر الكاتب. وأنه دائما ما يمنحها فرصة, ولكن قليلا ما تخيب توقعاته بشأنها.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

Sunday, April 23, 2023

End This Depression Now!

يعتبر بول كروغمان أحد أكثر الإقتصاديين الأمريكيين شهرة خصوصا عبر حيازته جائزة نوبل في الاقتصاد نتيجة مساهمته في شرح أنماط التجارة الدولية والتوزيع الجغرافي للنشاط الإقتصادي. بول كروغمان كاتب عمود في صحيفة نيويورك تايمز, أحد أكثر الصحف الأمريكية شعبية. كما أن صحفا عربية مثل الإتحاد والبيان في الإمارات وصحيفة الشرق الأوسط اللندنية تترجم بإنتظام بعض المواضيع التي ينشرها كروغمان. تاريخ بول كروغمان المهني يتجاوز الكتابة والتأليف الى التدريس في أحد أشهر الجامعات والمعاهد الأمريكية مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة برينستون التي تقاعد منها سنة ٢٠١٥. بول كروغمان حاصل على لقب أستاذ فخري من جامعة برينستون وأستاذ المئوية في كلية لندن للاقتصاد ورئيس سابق للرابطة الإقتصادية الشرقية. يعتبر بول كروغمان أحد أكثر الاقتصاديين نفوذا في الولايات المتحدة والعالم.

البطالة هي أحد أهم نتائج الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه الدول نتيجة الأزمات الاقتصادية حيث يعتبر مشكلة إجتماعية وإقتصادية مزمنة. انطلقت الأزمة الاقتصادية سنة ٢٠٠٧ من الولايات المتحدة وتحولت بسرعة قياسية الى أزمة اقتصادية عالمية عرفت بإسم أزمة الرهون العقارية منخفضة الجودة(Subprime Mortgage Loans). أدت تلك الأزمة الى تراجع في حجم التجارة العالمية وانخفاض أسعار السلع والمواد الأولية خصوصا النفط والمعادن والحاصلات الزراعية الى مستويات غير مسبوقة. في الولايات المتحدة, فقد ملايين الأمريكيين منازلهم ووظائفهم وانهارت أسعار العقارات وبدأت أعراض الكساد بالظهور سنة ٢٠٠٨ وبدأت تحليلات الخبراء والمختصين تقارن أزمة الرهون العقارية منخفضة الجودة سنة ٢٠٠٧ بأزمة الكساد العظيم ١٩٢٩-١٩٣٣ حيث وصف الخبراء أحداث سنة ٢٠٠٧ بأنها أكبر الأزمات الإقتصادية حتى تاريخه. تلك الأزمة أطاحت بمؤسسات مالية, بنوك, شركات وتطَّلبَ الأمر تدخلا من عدة بنوك مركزية وصندوق النقد والبنك الدولي منعا لإنهيار الإقتصاد العالمي.

إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعاملت مع الموضوع بإتخاذ خطوة مهمة تمثَّلت في ضخ مئات المليارات من الدولارات عبر حزمة إنقاذ(TARP - Troubled Asset Relief Program) والتي بلغت قيمتها ٧٠٠ مليار دولار وهي خطوة أثنى عليها بول كروغمان ونظر اليها بإيجابية, ولكن من وجهة نظره فقد كانت غير كافية. كان بول كروغمان يرى أن حجم المبالغ التي تم تخصيصها في حزمة الإنفاق أقل من المبالغ المطلوبة من أجل إحداث تأثير إيجابي على المدى الطويل. عمليات التدخل الحكومي في الاقتصاد تم إيقافها سنة ٢٠٠٩ بعد ظهور بداية مؤشرات التعافي وبروز أصوات في المعسكر الجمهوري محذرة من زيادة عجز الموازنة. ولكن وجهة نظر الكاتب أن مستوى العجز أمر تم المبالغة في التحذير منه لأن الهدف من حزمة الإنقاذ الإقتصادي وعمليات التدخل الحكومي هو خفض نسبة البطالة التي نجمت عن عجز الشركات والقطاع الخاص عن التوظيف وذلك عبر توفير وظائف للباحثين عن العمل من خلال زيادة الإنفاق الحكومي في مجالات مثل مشاريع البنية التحتية.

ويقدم بول كروغمان ثلاثة اقتراحات في سبيل الخروج من المأزق الاقتصادي الحالي سوف أذكرها باختصار: الاقتراح الأول هو إنفاق ٣٠٠ مليار دولار سنويا يتم تخصيصها للحكومات المحلية والبلديات التي وجدت نفسها مضطرة الى تسريح عشرات الآلاف من الموظفين خصوصا في قطاع التعليم والخدمات العامة. الاقتراح الثاني هو خفض سعر الفائدة الى الصفر من دون الأخذ في عين الإعتبار شيح التضخم بل يدعو الى العمل على رفع التضخم مستوى التضخم من 2% الى 4% من أجل تحفيز الاستثمار والإنفاق. الاقتراح الثالث هو تقديم المساعدة الى أصحاب الرهون العقارية من أجل إعادة جدولة ديونهم مع مراعاة أسعار الفائدة المنخفضة وضخ أموال فيدرالية للمؤسسات العقارية من أجل جعل ذلك ممكنا. 

ولدي تعقيب على الاقتراح الثالث وهو أن إعادة جدولة ديون جميع المقترضين دون تمييز سوف تشجع المزيد من الاقتراض الغير مسؤول. هناك فرق بين شخص لديه رهن عقاري بهدف إمتلاك منزل للسكن  وبين شخص لديه أربعة أو خمسة رهون بهدف الإستثمار وإعادة التمويل. إن خطة الإنقاذ الحكومية خلال أزمة الكساد الكبير(١٩٢٩-١٩٣٣) تضمنت ضمانات قدمتها الحكومة مقابل الرهون العقارية لأصحاب المنازل في خطوة أثبتت نجاحها بل وتحقيق عائد إيجابي نتيجة إنفاق تلك الأموال الحكومية. إن مبلغ ٧٠٠ مليار دولار كان من الممكن أن ينقذ أكثر من ٢.٥ مليون رهن عقاري لصالح أسر سوف يلقى بها في الشارع في حال إعلان إفلاسهم وعجزهم عن دفع الأقساط وذلك بمعدل وسطي ٢٥٠ ألف دولار لكل رهن عقاري ومستفيدين يبلغ عددهم أكثر من ١٤ مليون مواطن أمريكي.

كتاب بول كروغمان "أنهوا هذا الكساد الآن" من أفضل الكتب التي قرأتها في مجال تخصص الكاتب خصوصا بسبب تاريخه المهني العريق وحصوله على جائزة نوبل في الاقتصاد حيث يوصف بأنه أحد أكثر الاقتصاديين تأثيرا في العالم. أنصح بشراء الكتاب وقرائته أو من الممكن لمن يرغب في نسخة الكترونية أن يجدها متوفرة على موقع مؤسسة هنداوي للنشر.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


Saturday, April 22, 2023

Gandhi, An Autobiography

كتاب اليوم لم يكن مؤلفه إلا غاندي نفسه. إنها سيرة حياة المحامي والمناضل واللاعنف وبطل إستقلال الهند موهانداس كرمشاند غاندي حيث قدَّم للكتاب المؤلف والكاتب الكندي من أصول هندية M.G. Vassanji. وقد قامت دار نشر هنداوي للنشر مشكورة بترجمة الكتاب الى اللغة العربي تحت عنوان "غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة." لقد كان المهاتما يبلغ من العمر ٥٦ عاما حين طبعت سيرته الذاتية أول مرة. وقد عاش بعدها ٢٣ عاما من الانتصارات والهزائم. كتاب اليوم ليس مجرد سيرة ذاتية تعتمد أسلوبا سرديا معتادا بل هي أشبه بالاعتراف, فحص ونقد ذاتي لأفكاره وتجاربه في الحياة.

لقد تعرضت سيرة الزعيم الروحي الهندي وبطل إستقلال الهند المهاتما غاندي الى الكثير من التشويه والتحريف خصوصا اتهامه بالخيانة والعنصرية وأنه ضد المسلمين وكتاب أصدره مؤرخ بريطاني عن حياته الجنسية وأنه كان منحرفا جنسيا. ولكن كما قال الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت:"التاريخ هو مجموعة من الأكاذيب المتفق عليها," مصدر تلك الأكاذيب هم أشخاص ينشرون تلك الدعاية المضللة لأهداف سياسية. ولكن حتى أكون منصفا, غاندي لم يكن ملاكا بل كان مناضلا وطنيا يسعى الى استقلال بلاده والتعامل مع المستعمر البريطاني الذي كان يضع العقبات في طريقه. وقد كان من المستحيل أن تكون مسيرة الهند نحو الإستقلال خالية من الأشواك. يحاول البعض تصوير غاندي على أنه لم يكن مثاليا من الناحية الأخلاقية وكأن أبطال التحرير والإستقلال يتوجب عليهم أن يتمتعوا بأخلاق الأنبياء. ولو قبلنا الذريعة التي يقدمها خصوم غاندي ومن يحاولون تشويه سيرته أنه خدم مصالح الإستعمار البريطاني في الهند وأنه كان يخشى من المسلمين من أن ينفصلوا عن الهند في دولة مستقلة وأنه بسبب ذلك يتم الترويج له في وسائل الإعلام من سينما وتلفاز وصحف وغيرها, لقبلنا تلك الذريعة عليهم هم أنفسهم لأنهم يظهرون في وسائل الإعلام المختلفة بإستمرار لأنهم يخدمون أجندات الدول الغربية وغاياتها وأهدافها الاستعمارية في الوطن العربي والعالم.

لقد تبنى غاندي الدعوة الى المقاومة السلمية وكان من أوائل من دعا الى ثقافة اللاعنف. كما أنه تبنى موقفا معارضا لنظام الطبقات الذي رسخته بريطانيا وحافظت عليه, ناصر غاندي طائفة المنبوذين في الهند. دعا في السنوات الأخيرة من حياته الهندوسيين في الهند الى احترام أتباع الديانات الأخرى خصوصا الإسلام مما أدى الى توجيه اتهامات إليه بالخيانة وأدى ذلك في النهاية الى اغتياله لأنه كان متعاطفا مع المسلمين في باكستان رغم قيامهم بالانفصال عن الوطن الأم في الهند. 

وُلِد موهانداس كرمشاند غاندي بتاريخ ٢/١٠/١٨٦٩ في مدينة بوربندر الواقعة في مقاطعة كجرات، حيث تقع بين مدينة السند، ومدينة بومبي في الهند. كان والده رئيس وزراء ولاية بوربندر ومن قبله جدَّه. والدة غاندي بوتليباي كانت امرأة متدينة منتظمة في ممارسة طقوس الصيام حيث نشأ غاندي عابدًا للإله الهندوسي فيشنو وكان من أتباع الجاينية، وهي ديانة هندية قديمة تتبنى مبادئ اللاعنف والصيام والتأمل واعتماد أنظمة غذائية نباتية.

كان ارتحال غاندي الى جنوب إفريقيا من أجل ممارسة مهنة المحاماة بعد أن إنتهى من دراستها في العاصمة البريطانية محطة مهمة في حياته وتكوين شخصيته النضالية. في لندن, أصبح شخصا نباتيا حيث تحول ذلك بالنسبة إليه الى نوع من الإيمان حيث تعلمه الإلتزام والإنضباط. ولكن في جنوب إفريقيا, صقلت تجربة غاندي في الحياة حيث بدأ تكون الروح النضالية لديه بعدما رأي التمييز الذي يعاني منه المهاجرون الهنود وخاض أول مواجهة له مع السلطات حين رفض خلع عمامته الهندي في قاعة المحكمة حيث كان يترافع في أول قضية يتولاها منذ وصوله. اللحظة الفاصلة في حياة غاندي كانت بعد أيام من تلك الحادثة وحيث أنه في  السابع من حزيران/ يونيو عام ١٨٩٣ وأثناء رحلة في القطار الى بريتوريا, اعترض رجل أبيض على ركوبه في مقصورة الدرجة الأولى على الرغم من حمله تذكرة. وعندما رفض غاندي الإنتقال الى مقصورة أقل درجة, سحب بالقوة وألقي من على القطار في محطة في بیتر ماریتزبرج وأيقظ ذلك في نفسه روح العصيان المدني والمقاومة السلمية.

عاد غاندي الى الهند سنة ١٩١٥ ليبدأ مرحلة جديدة من النضال حيث قاد حملة عصيان مدني سنة ١٩١٩ بسبب قانون جديد يسمح بسجن المتهمين بالتحريض بدون محاكمة وكانت مذبحة مذبحة أمریتسار حيث قتلت القوات البريطانية أكثر من ٤٠٠ مواطن هندي وجرحت مئات آخرين خرجوا في تظاهرة احتجاج سلمية. وعلى إثر تلك المذبحة, دعا غاندي الى حملة عصيان مدني شامل حيث دعا الموظفين الحكوميين الى التوقف عن العمل لصالح التاج البريطاني, الطلاب الى التوقف عن الذهاب الى المدارس الحكومية, الجنود الى مغادرة مواقعهم والمواطنين الى التوقف عن دفع الضرائب وشراء السلع البريطانية.

منحت الهند استقلالها بتاريخ ١٥/أغسطس/١٩٤٧ ولكن ليس بدون ثمن حيث أدى ذلك الى تقسيم الهند و إستقلال باكستان و إندلاع إشتباكات طائفية دموية بين المسلمين والهندوس ازدادت حدتها فقام غاندي بزيارة الى مناطق الاضطرابات و سعى لإنهائها و صام في سبيل ذلك. ولكن بعض الهندوس اتهموه بالخيانة بسبب اعتباره متعاطفا مع المسلمين. وبعد عصر يوم ٣٠/كانون الثاني/ يناير عام ١٩٤٨, قام هندوسي متعصب يدعى  ناتهورام غودسي بإطلاق النار على غاندي أثناء خروجه من منزله في بيرلا هاوس في نيو دلهي الى تجمع للصلاة والتأمل فأرداه قتيلا. لقد انطفأت شعلة النضال في الهند ولكن سيرته بقيت حية في ذاكرة مواطنيه وفي ذاكرة جميع المضطهدين حول العالم.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

الحرب عبارة عن خدعة(War is A Racket)

كان سميدلي دارلنجتون بتلر(١٨٨١-١٩٤٠) أكثر ضباط الجيش الأمريكي حصولا على الأوسمة بلغ عددها ١٦ وساما خمسة منها للأعمال البطولية وكان واحدا من ...