Flag Counter

Flag Counter

Friday, September 30, 2022

The New Case for Gold

الذهب قد يكون للبعض مجرد عنصر كيميائي أو عنصر فلزي يشغل مكانا في الجدول الدوري للعناصر الكيميائية ولكنه فلز ثمين للبعض الآخر, بل ومن أكثر الفلزات إستخداما في حياتنا اليومية. الذهب يدخل في تركيب الحلي والمجوهرات فهو يسلب الألباب بلونه الأصفر البراق ولمعانه الذي قلما تجد له مثيلا. كما أن الذهب يدخل في الكثير من الصناعات الإلكترونية, الطب, الغذاء وحتى التصوير الفوتوغرافي ومجالات أخرى كثير. ولكن أهم إستخدام للذهب هو في مجال الاقتصاد العالمي حيث يكون لغطاء واحتياطي الذهب  تأثير على السياسات النقدية لدول العالم. وفي الإطار التاريخي فقد كان الاقتصاد العالمي خلال الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى معتمدا بشكل أو بأخر على الذهب فيما يعرف بالغطاء الذهبي للعملة. الإقتصاد الإسلامي كان يعتمد التعامل بالمعادن الثمينة خصوصا الذهب والفضة التي كانت تسك منها العملات المختلفة لأنها تحتفظ بقيمتها مع مرور الزمن.

يعتبر المحامي والمستشار الاقتصادي د.جايمس ريكاردز أحد أبرع المختصين في مجال تجارة الأسهم, العملات والمعادن الثمينة. فهو يتمتع بخبرة ٣٥ عاما من العمل في وول ستريت مع كبريات المكاتب الاستشارية والبنوك والمستثمرين. كما أنه عمل مستشارا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في مجال الاقتصاد والنظام النقدي العالمي. جايمس ريكاردز حائز على أرفع الشهادات العلمية فهو خريج كلية الفنون في جامعة جون هوبكنز, ماجستير الدراسات الدولية من  جامعة جون هوبكنز, ماجستير في الضرائب من جامعة نيويورك ودكتوراه في القانون من جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة. ولذلك, فإن أي كلمة تصدر منه تتمتع بمصداقية وقوة مقارنة بغيره ممن يعملون في ذلك المجال. 

وقد قام جيمس ريكاردز بتأليف عدد من الكتب لعل أشهرها كتاب حروب العملات(Currency Wars) وكتاب موت العملات(The Death of Money) وعدد من الكتب الأخرى. ولكن الكتاب الأول هو أكثر كتبه الذي نال تغطية إعلامية في الوطن العربي وجعل جايمس ريكاردز اسما بارزا بين القراء والمهتمين بالشؤون الاقتصادية في الوطن العربي. وقد إخترت للقراء والمتابعين اليوم كتابا مهما من تأليف جيمس ريكاردز وإن لم يحظى بتغطية إعلامية في الوطن العربي أو تمت ترجمته للغة العربية إلا أنني أرى أنه أحد أهم الكتب التي تم تأليفها والتي تناولت الذهب من منظور شامل حيث تحدث جايمس ريكاردز عن بتفصيل وشمولية. في كتابه المؤلف من مقدمة, ستة فصول وخاتمة, يدافع ريكاردز عن الذهب ضد الآراء القائلة بأنه لا مكان للمعدن الأصفر في النظام النقدي العالمي. ويجادل بأن الذهب هو عبارة عن نقود وأنه مخزن للقيمة وأن سياسة نقدية تعتمد على الذهب عنصرا أساسيا هي أمر ممكن بل ومرغوب.

هناك ستة نقاط مهمة يركِّز عليها المعارضين لأي دور للذهب في النظام النقدي العالمي. النقطة الأولى هي ما يقال أن جون مينارد كينز اتخذ موقفا معارضا للذهب ووصفه بأنه معدن بربري وبدائي. ولكن ذلك غير صحيح. في كتابه "الإصلاح النقدي" الذي نشره سنة ١٩٢٤م, إنتقد كينز المعيار الذهبي وليس الذهب:"في الحقيقة, المعيار الذهبي هو من بقايا زمن البرابرة." ولكن كلام كينز سنة ١٩٢٤م يأتي في سياقه حيث أن محاولات إعادة فرض المعيار الذهبي التي اندثر مع بداية الحرب العالمية الأولى قد أدى الى فوضى مالية بسبب مشكلة الديون التي ترتبت على الدول المنتصرة والمهزومة على حد سواء خصوصا ألمانيا القيصرية.

النقطة الثانية هي المزاعم بأنه لا يوجد ما يكفي من الذهب لدعم التمويل والتجارة على مستوى العالم. إن تلك المزاعم غير صحيحة على الإطلاق. إحصاء متوسط كمية الذهب الموجودة بحوزة البنوك المركزية وصناديق الثروة السيادية والمؤسسات الحكومية المختصة مثل وزارة المالية يعدُّ تقريبا ٣٥ ألف طن متري, بينما إجمالي كمية الذهب في الحيازات الخاصة يبلغ ١٣٥ ألف طن متري, وذلك أكثر من كافي لدعم التجارة العالمية والعمليات المالية والتمويلية على مستوى العالم بشرط مراعاة السعر بحيث من الممكن أن يتراوح بين ١٠٠٠٠ دولار/أونصة - ٥٠٠٠٠ دولار/أونصة ومراعاة حجم الكتلة المالية للدول التي تقبل بتطبيق المعيار الذهبي في معاملاتها التجارية والتمويلية.

النقطة الثالثة أن كميات الذهب المستخرجة لا تكفي لمواكبة النمو في حجم الإقتصاد العالمي ولكن ذلك ناشئ من عدم الفهم الصحيح لمعيار الذهب الكلاسيكي. كميات الذهب الرسمية تعتبر 20% من إجمالي كمية الذهب في العالم, الباقي في حيازة أفراد ومؤسسات استثمارية خاصة وبنوك. الحكومة تستطيع وبكل بساطة ممارسة عمليات السوق المفتوح وشراء الذهب بعملة مطبوعة حديثا, وذلك لا يختلف عن قيام الحكومات والبنوك المركزية بممارسة عمليات السوق المفتوح في شراء السندات و العملات.

النقطة الرابعة هي أن الذهب كان هو السبب في إنهيار سوق البورصة والأسهم في  وول ستريت و الكساد العظيم  ١٩٢٩م- ١٩٣٣م. وبحسب ما ذكر المؤلف بنفي صحة ذلك وأن الدراسات التي أجراها محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق بين بيرنانكي بأن الذهب لم يكن عائقا أمام تمدد الكتلة النقدية  ولم يلعب دورا في أزمة الكساد العظيم. قانونيا, كان يحق لبنك الاحتياطي الفيدرالي طباعة كمية من النقود بما يعادل ٢٥٠% من قيمة احتياطي الذهب الذي بحوزة البنك, الكتلة المالية لم تتجاوز ١٠٠% من قيمة ذلك الإحتياطي. مشكلة أزمة الكساد العظيم كما يرجعها بعض الخبراء كانت أزمة ثقة, وحيث أن السياسات الحكومية أفقدت ثقة المستثمرين في الأسواق في الوقت نفسه الذي قام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة مما أدى الى تجفيف السيولة في الأسواق وعدم رغبة الشركات بالمخاطرة في سوق مضطرب.

النقطة الخامسة وهي صحيحة, الإستثمار في الذهب ليس له عائد. وعلى الرغم من ذلك, فما زال الكاتب يرى أنها لصالح الذهب وليس ضد في النقاش حول استخدام المعيار الذهبي في الإقتصاد والتجارة. الذهب يعتبر على أنه نقود لثلاثة أسباب: الأول أنه مخزن للقيمة, الثاني أنه وسيط للتبادل والتداول والثالث أنه يمكن إستخدامه وحدة حساب لمقارنة أسعار السلع والخدمات بعضها ببعض. ليس هناك مخاطرة من التعامل بالنقود ولذلك فلا يفترض أن يكون لها عائد. إن مقدار أونصة من الذهب سوف يبقى على حاله ولو بعد مرور ١٠٠ سنة بدون خسارة قيمته التداولية كالعملات التي تتبدل وتتغير أسعار صرفها بإستمرار.

النقطة السادسة التي يرددها عدد من المعارضين للإعتماد على الذهب في التجارة والتمويل هي أن لا يحتوي على قيمة حقيقية. ولكن تلك النظرية ثبت عدم صحتها بالنسبة للذهب بفضل عالم الاقتصاد النمساوي كارل مينجر(Carl Menger) صاحب النظرية الذاتية للقيمة(Subjective Value) والتي تقول بأن  قيمة المنتج يتم تحديدها عن طريق أهمية السلعة بالنسبة للفرد فيما يخص تحقيقها لأهدافها المنشودة وليس عن طريق كمية العمل المطلوب لإنتاج السلعة وهي وجهة النظر التي يتبناها المعارضون للمعيار الذهبي ودور الذهب في الاقتصاد العالمي. الذهب لا يحتاج الى قانون تشرِّعه الحكومات حتى يتحول الى نقود بل العملات الورقية هي التي قبول التعامل بها بتشريع قانوني ملزم(Legal Tender).

المستشار الاقتصادي والكاتب جايمس ريكاردز(James Rickards) وفي كتاب  دفاعا عن الذهب(The New Case for Gold), يرد على كل تلك النقاط ويدافع عن المعدن الأصفر ضد منتقديه. وقد حاولت في هذا الموضوع أن اقدم موجزا مختصرا لمحتوى الكتاب تاركا للقارئ الإطلاع على التفاصيل حتى لا أفسد عليه متعة القراءة واكتشاف الخبايا التي يحتويها الكتاب بين صفحاته.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية











No comments:

Post a Comment

الحرب عبارة عن خدعة(War is A Racket)

كان سميدلي دارلنجتون بتلر(١٨٨١-١٩٤٠) أكثر ضباط الجيش الأمريكي حصولا على الأوسمة بلغ عددها ١٦ وساما خمسة منها للأعمال البطولية وكان واحدا من ...