يروي الصحافي والكاتب السياسي الأمريكي جيرمي سكاهيل في كتاب "حروب قذرة" عمليات الإغتيال الاستهدافية التي نفذتها الولايات المتحدة ضمن إطار الحرب على الإرهاب حيث يتم تنفيذ عمليات الاغتيال باستخدام طائرات من دون طيار والقوات الخاصة بدون محاكمة أو أدلة. شخص وحيد يمكنه اتخاذ القرار من تنفيذ العملية أو عدمه, السيد القابع في كرسي رئاسة البيت الأبيض. كما يتحدث جيريمي سكاهيل في كتابه عن عالم السجون السرية للولايات المتحدة خصوصا في العراق وفي الأراضي الكوبية التي تحتلها الولايات المتحدة, غوانتانامو.
الولايات المتحدة هي دولة تعتبر عند البعض نموذجا للحرية والعدالة وحقوق الإنسان, دولة الديمقراطية وتمثال الحرية, دولة تستطيع أن تقول فيها ما تشاء وتنتقد من تشاء من السياسيين الفاسدين, دولة حيث من حق أي متهم أن يعرض على محكمة عادلة ويدافع عنه محامي مؤهل, ولكن جيريمي سكاهيل قدَّم لنا في كتابه صورة مختلفة تماما لدولة تغتال مواطنيها بدون محاكمة وبدون أن تسمع منهم كلمة دفاع واحدة عن أنفسهم, دولة الولد فيها يقتل بذنب أبيه. وعند محاولة التحقيق في تلك الجرائم, يتم حرمان الوصول الى المعلومات أو رفض كشف أدلة الاتهام أمام المحاكم بذريعة حماية الأمن القومي.
أنور العولقي مواطن أمريكي ولد في الولايات المتحدة لأبوين يمنيين تعرض لمضايقات من الحكومة الأمريكية التي إتهمته بأنه متورط في دعم الإرهاب حيث دفعه ذلك من إدانة هجمات سيبتمبر وإعتبارها تشوِّه صورة الإسلام الى إتخاذ مواقف أكثر تشددا خصوصا حين هاجم الرائد نضال حسن زملائه في مركز إعداد الجنود في فورت هود-تكساس حيث إعتبر أنو العولقي الهجوم نتيجة طبيعية لسياسات الولايات المتحدة في كل من العراق وأفغانستان. المضايقات الأمريكية دفعت أنو العولقي الى العودة الى اليمن حيث نشط على شبكة الإنترنت في انتقاد السياسة الأمريكية فتم اغتياله بواسطة طائرة من دون طيار بدون محاكمة أو أدلة. وخلال أسبوعين من مقتل أنور العولقي, أغارت طائرة أمريكية من دون طيار على أحد المنازل في محافظة شبوة اليمنية حيث قتل عبد الرحمن أنور العولقي وكان يبلغ من العمر ١٦ عاما. دولة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان تغتال مواطنا أمريكيا مراهقا بتهمة التورط في الإرهاب بدون دليل أو محاكمة أو السماح له بالدفاع عن نفسه.
الإدارة الأمريكية كانت تقوم بتنفيذ عمليات إغتيال بدون علم أو إذن الحكومة اليمنية التي كانت تنشر بيانات إعلامية عقب كل عملية تزعم أن قوات حكومية هي من قامت بها. الهجوم على قرية المعجلة هو أحد تلك الهجمات التي استهدفت قرية يمنية يعمل أهلها في الزراعة والرعي بذريعة تواجد محمد صالح علي محمد الكاظمي في معسكر لتدريب القاعدة يقع بالقرب من القرية. تم استهداف القرية بصواريخ كروز حيث سقط ضحايا مدنيون أبرياء أغلبهم نساء, أطفال وكبار السن. المنظر كما يصفه الشيخ القبلي صالح بن فريد الذي زار القرية كان مروعا وليس لأصحاب القلوب الضعيفة, رؤوس مقطوعة, أشلاء بشرية مبعثرة هنا وهناك وبقايا قطعان الماشية مبعثرة في كافة أرجاء المكان. وفي أفغانستان, قامت قوات خاصة أمريكية بالإغارة على قرية أفغانية كان أحد أفرادها, ضابط في الجيش الأفغاني الذي تم تشكيله حديثا, يحتفل بقدوم مولوده الجديد. أغلب الضحايا كانوا من الأطفال والنساء. كما أن الجنود الأمريكيين عمدوا الى طعن النساء الحوامل في السكاكين في بطونهم وإخفاء فوارغ طلقات الرصاص للإيحاء بأنها جريمة ضرف عائلية. وفي الصومال, قامت الولايات المتحدة على هامش الحرب الباردة بالتدخل في ذلك البلد الأفريقي الفقير ودعم أمراء الحرب الفاسدين مما أدى الى بروز اتحاد المحاكم الإسلامية وسيطرته على الصومال بعد تذمر السكان من حالة الحرب والفوضى. الولايات المتحدة التي لم يعجبها خروج الصومال عن سيطرتها أوعزت لقوات إثيوبية بغزو الصومال بذريعة أن إتحاد المحاكم الإسلامية ليس إلا واجهة لتنظيم القاعدة. النتيجة العكسية كانت المزيد من الفوضى والقتل والدماء مما أدى الى ظهور حركة الشباب, تنظيم دموي يوالي القاعدة.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
