Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, March 12, 2024

٣٦٥ يوماً دون "صنع في الصين"

المؤلفة والكاتبة الأمريكي سارة بونجورني خاضت وعائلتها تجربة مقاطعة البضائع الصينية سنة كاملة وروت تجربتها في كتاب "٣٦٥ يوما دون "صنع في الصين" وحاولت من خلال تلك التجربة الإجابة على السؤال:"هل يمكن أن تعيش أسرة أمريكية من الطبقة المتوسطة سنة كاملة من دون البضائع الصينية؟"

التجربة في الحقيقة فريدة من نوعها وكان قرار المضي قدما فيها يتطلب الكثير من الصبر والحكمة حيث أن عبارة "صنع في الصين" أصبحت القاسم المشترك في جميع المنتجات تقريبا بداية من الأثاث, الأحذية, لعب الأطفال, الكمبيوترات والهواتف المحمولة ولا تنتهي تلك القائمة الطويلة بالأدوية. الصين تحولت الى مصنع العالم وحتى لو لم يكن المنتج يحمل عبارة صنع في الصين فإن بعض أجزائه سوف تكون بالتأكيد صنعت هناك وتم تجميعها في مكان آخر. ومؤخرا أثارت شركة هواوي الصينية الكثير من النقاش بسبب إنترنت الجيل الخامس الفائق السرعة حيث تتصدر في ذلك المجال كما أنه هناك مخاوف أمنية متعلقة بمنتجات الشركة مما أدى الى فرض عقوبات أمريكية ضدها. التداخل والتشابك في الإقتصاد العالمي أدى الى تعاظم دور الصين حيث أن الكثير من المنتجات الاستهلاكية الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة تعتمد على العناصر الأرضية النادرة التي تحتكر الصين إنتاجها بشكل شبه كامل وتحتكر إنتاج ٩٠% من المواد الأولية التي تدخل في صناعة الأدوية.

إن قضية مقاطعة البضائع والمنتجات الصينية قضية يثيرها السياسيون في الولايات المتحدة بشكل مستمر وهناك دائما دعوات يطلقها نواب في الكونغرس وأعضاء في مجلس الشيوخ من أجل فرض ضرائب أو زيادة الضرائب على المنتجات الصينية. المثير للاستغراب أنه وخلال حملة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الإنتخابية والتي كان شعارها "نجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" حيث كانت عبارة "صنع في أمريكا" جزئاً مهما منها لكن على أرض الواقع فإن الدعاية الإنتخابية من قبعات وأقلام وغيرها من مواد دعائية كانت تحمل عبارة صنع في الصين. إيفانكا ترامب والتي كانت مستشارة والدها وإبنته المدللة تمتلك خط تصنيع ملابس بإسمها يحمل عبارة صنع في الصين.

الشركات والمصانع الأجنبية تبحث دائما عن التسهيلات مثل أسعار الطاقة المنخفضة والإعفاء الضريبي والعمالة منخفضة الأجر وذلك مبدأ الرأسمالية حيث تحقيق الأرباح يعتبر الأهم في العملية الإنتاجية ونتيجة لذلك فقد دخلت دول أخرى مثل الهند, فيتنام وبنغلاديش منافسة الصين في مجال التصنيع. ولكن أهم ما تتميز به الصين مقارنة مع منافسيها هو البنية التحتية المتطورة والعمالة المدربة من ذوي الخبرة والدعم الحكومي. الصين بدأت مؤخرا في الإهتمام بتحقيق أسماء تجارية صينية مثل شركة هواوي, شاومي وهاير الإنتشار العالمي وذلك من خلال تقديم التمويل, أسعار طاقة منخفضة و تسهيلات في إجراءات التصدير و المساعدة في شراء شركات أوروبية وأمريكية متعثرة وضمها الى الشركة الأم في الصين والتوسع في القارة الإفريقية, الشرق الأوسط وآسيا من خلال مبادرة الحزام والطريق.

الصين حاليا تعتبر في المرتبة الأولى إقتصادياً لو كانت معايير القياس تعتمد على معادل القوة الشرائية(PPP) وليس الناتج المحلي الإجمالي(GDP) حيث تعتبر وفق الأخير في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة أو في المرتبة الثالثة لو تم التعامل مع الإتحاد الأوروبي بوصفه كتلة اقتصادية موحدة. الولايات المتحدة تحاول حصار الصين اقتصاديا حتى تبقى مصدرا المنتجات الرخيصة والاستهلاكية وأن لا تدخل مجالات التكنولوجيا المعقدة مثل تكنولوجيا الكوانتم ومعالجات الرقائق الرقمية المتطورة خصوصا معالجات الجيل الخامس التي نجحت شركة هواوي حصريا في إستخدامها في هواتفها المحمولة.

الولايات المتحدة تتراجع في الصراع التكنولوجي مع الصين التي تحقق اختراقات مهمة وبينما كان هدف الكاتبة ليس الدعوة الى مقاطعة دائمة للصين ولكن التحذير من خطر هيمنة الصين بشكل شبه كامل على تفاصيل الحياة اليومية للمواطن الأمريكي والأوروبي. الصين كانت نهتمة بموضوع الكتاب والنقاش الذي أثاره في المجتمع الأمريكي وأرسلت عدة صحفيين من أجل إجراء مقابلات مع الكاتبة حيث كان بعضهم عدائيا للغاية. كما قامت الصين بتمويل صحفيين وكتاب أمريكيين من أجل إنتقاد الكاتبة وفكرتها في مقاطعة البضائع الصينية حتى لو مؤقتا لأن ذلك يؤدي الى خسائر اقتصادية لا يستهان بها للاقتصاد الصيني.

الكتاب يستحق القراءة ويمكن تحميله مجانا من موقع هنداوي للكتب حيث هناك تتوفر عشرات الكتب المجانية بصيغ مختلفة.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment

الحرب عبارة عن خدعة(War is A Racket)

كان سميدلي دارلنجتون بتلر(١٨٨١-١٩٤٠) أكثر ضباط الجيش الأمريكي حصولا على الأوسمة بلغ عددها ١٦ وساما خمسة منها للأعمال البطولية وكان واحدا من ...