آن إليزابيث أبلباوم صحفية ومؤرخة أمريكية من أصل بولندي حاصلة على جائزة البوليتزر وهي أستاذة زائرة في كلية لندن للاقتصاد. عملت آن في أشهر الصحف الأمريكية منها صحيفة الإيكونوميست وصحيفة الواشنطن بوست. كتاب "غولاغ" هو أحد مؤلفات الكاتبة الأكثر شهرة وانتشارا حيث أنها فازت بجائزة البوليتزر سنة ٢٠٠٤ عن الكتاب.
الغولاغ عبارة عن مجموعة من معسكرات العمل الجماعي في منطقة سيبيريا الروسية ظهرت للوجود سنة ١٩١٨, أي بعد سنة واحدة من الثورة البلشفية التي قادها فلاديمير لينين. تولى إدارة الغولاغ في بداياته جهاز البوليس السري(GPU) ثم بعد ذلك جهاز الأمن الداخلي(NKVD). وفي آخر أيامه حتى إنهيار جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي, تولى جهاز الشؤون الداخلية(MVD) مسؤولية الإشراف وإدارة نظام معسكرات الغولاغ.
تذكر الكاتبة في مقدمة الكتاب أن جذور معسكرات العمل السيبيرية تعود الى فترة حكم روسيا القيصرية خلال القرن السابع عشر فقد كان يتم تنظيم مجموعات من السجناء تكلف بأعمال السخرة في مناطق سيبيريا الباردة حيث استمر ذلك حتى بدايات القرن العشرين والثورة البلشفية. وخلال بداية حكم لينين, توسعت معسكرات الغولاغ من ناحية العدد والحجم حتى وصل عددها سنة ١٩٢١ الى أربعة وثمانين معسكرا تنتشر في أربعة وثلاثين مقاطعة روسية. ومع بداية فترة حكم ستالين سنة ١٩٢٩, شهدت نظام معسكرات الغولاغ تغيرا جذريا حيث تم اعتباره حيويا من أجل نجاح خطة ستالين في تحويل روسيا الى دولة صناعية. وإستمرت معسكرات الغولاغ في التوسع خصوصا خلال فترة الحرب العالمية الثانية حيث تم تجنيد عدد كبير من المواطنين الروس في القوات المسلحة السوفياتية مما أدى الى فراغ في المؤسسات والمصانع السوفياتية خصوصا تلك المعنية بالإنتاج الحربي وتم الإستعانة بسجناء الغولاغ من أجل ملء ذلك الفراغ.
يقدِّر المؤرخون عدد المعتقلين في معسكرات الغولاغ بين ١٤-٤٠ مليون شخص توفي منهم حوالي ٥ ملايين. المعتقلون في الغولاغ عبارة عن خليط من السجناء السياسيين والمجرمين الجنائيين وأسرى الحرب العالمية الثانية خصوصا من الجنود الألمان ودول المحور وأشخاص عاديون ألقى بهم حظهم العاثر في ذلك المكان. تعرض السجناء في معسكرات الغولاغ الى العمل الشاق حتى الإنهاك في أعمال إنشائية مثل حفر قناة البحر الأبيض(بيلومور) والتي تصل بين البحر الأبيض وبحر البلطيق مرورا ببحيرة أونيجا ويبلغ طولها ٢٢٧كم(١٤١ ميل) والتي عمل في إنشائها أكثر من ١٠٠ ألف سجين توفي عدد كبير منهم نتيجة الإجهاد, المرض وقلة التغذية.
يعتبر الغولاغ من قبل الكثير من المؤرخين خصوصا الروس حقبة سوداء في تاريخ الإتحاد السوفياتي لكنه ليس سابقة يختص بها الاتحاد السوفياتي حيث كان لدى الدول الأوروبية الأخرى نظام الغولاغ الخاص بها خصوصا في مستعمراتها في إفريقيا وآسيا ولكن وسائل الإعلام في دول الغرب تستغل ذلك لأهداف سياسية لا تخفى على أحد. فيلم بابيلون(Papillon) والذي تم إنتاجه سنة ٢٠١٧ يروي قصة هروب ناجحة نفذها سنة ١٩٤١ سجين فرنسي يدعى هنري شاريير(Henri Charrière) من معسكر عمل جماعي مخصص للسجناء في إحدى جزر مستعمرة غويانا الفرنسية التي عرفت بإسم جزيرة الشيطان(Devil's Island). ولقد كانت عملية الفرار التي نفذها هنري شاريير بمساعدة سجين أخر يدعى Louis Dega(*). ولقد تم تمثيل نظام معسكرات العمل الإجباري في الغولاغ من خلال عدد من الأعمال السينمائية والكتب ولعل أشهرها هو فيلم طريق العودة(The Way Back) الذي قام ببطولته أربعة من أشهر الممثلين في هوليود وهم: جيم ستارجس, إد هاريس, سيرشا رونان وكولين فاريل.
كتاب غولاغ(Gulag) هو أحد أهم الكتب في مجاله والتي من الممكن أن تعطي القارئ فكرة جيدة عن حقبة زمنية مهمة في التاريخ الإنساني, فجوة ملئتها المؤلفة آن أبلباوم بنجاح رغم مايقال عن الحيادية بوصف الكاتية من أصول بولندية ولكنه يبقى عملا مهما ومؤثرا تلقى تقديرات إيجابية من أشهر الصحف ووسائل الإعلام العالمية مثل النيويورك تايمز, النيوزويك, لوس أنجلوس تايمز, الإيكونوميست, النيويوركر, الفاينانشيال تايمز, الصنداي تايمز والديلي تلغراف التي وصفت الكتاب بأنه مهم, إنجاز ضخم مليء بالتفاصيل الدقيقة والمهمة.
فيلم(*) بابيلون ينتمي الى فئة دراما السيرة الذاتية(biographical drama) أحداثه مستمدة من تفاصيل واقعية عايشها بطل الرواية أو كاتبها. ولكن بعض الشخصيات في أفلام السيرة الذاتية قد يستخدم الكاتب أسماء مستعارة مثل شخصية لويس ديغا(Louis Dega) التي قام بأدائها الممثل الأمريكي من أصل مصري رامي مالك التي لم يجد المؤرخون مرجعا لها رغم أنه هناك فضيحة احتيال لها علاقة بسندات حكومية حصلت بالفعل سنة ١٩٢٥ حيث قبض على مجموعة أشخاص منهم المتهم الرئيسي فرناند رويير(Fernand Royer) ولكن إسم لويس ديغا لم يكن من بينهم ولا يوجد شخص بذلك الإسم تم اتهامه بقضية مماثلة في فرنسا.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة مائة كاتب وكتاب
الرجاء التكرم الضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية
No comments:
Post a Comment