كتاب "صعود وسقوط الرايخ الثالث" من تأليف وليم شايرر هو أحد أهم الكتب التي تتحدث عن حقبة فاصلة في تاريخ البشرية, حقبة هتلر وألمانيا النازية. المؤلف وليم شايرر صحفي أمريكي قام بالكتابة عن النازية منذ سنة 1925 حيث عاش وعمل في ألمانيا فترة زمنية طويلة مما أتاح له أن يكون شاهد عيان على كثير من الأحداث المهمة خلال تلك الفترة حيث نجح في الحصول على كم هائل من الوثائق التي قضى أكثر من من خمس سنوات في فحصها وتدقيقها حيث اعتمد عليها بشكل رئيسي في تأليف الكتاب.
قرأت الكتاب باللغة الإنجليزية, كل صفحة من فصوله الواحد والثلاثين حيث يحتوي على ذلك الكم من المعلومات التاريخية والوثائق وتفاصيل مهمة كأنك تعايش الحدث أمام عينيك. لقد تركت إمبراطورية الرايخ الثالث ورائها كمية ضخمة من الوثائق تقدر بمئات الأطنان, وثائق وزارة الخارجية الألمانية بلغت أكثر من 400 طن. وبعض تلك الوثائق يعود لفترة حكم هتلر و جمهورية فايمار التي قضى عليها أدولف هتلر حين قام بتأدية اليمين القانونية قبيل ظهر يوم الإثنين, الثلاثين من كانون الثاني 1933 في مقر المستشارية أمام رئيس الجمهورية الفيلد مارشال فون هيندنبورغ حيث أعلن ولادة الرايخ الألماني الثالث.
ولكن كما كان صعود هتلر والنازية مدويا, فقد كان السقوط مدويا, إنتهت الحرب العالمية الثانية بهزيمة ألمانيا النازية, إحتلال العاصمة برلين من قبل قوات الحلفاء وانتحار هتلر وعشيقته إيفا براون, التي تزوجها رسميا قبل انتحارهما معا بلحظات, في مخبئه المحصن الذي يقع أسفل مقر المستشارية. لا أحد يعلم الأسباب التي دفعت هتلر الى إتخاذ قراراه بالانتحار ولكن الأخبار التي وصلت الى مخبئه يوم 29 نيسان عن مصير حليفه المقرَّب بينوتو موسوليني وإقتراب قوات الجيش الأحمر من مخبئه المحصَّن قد عجَّل بإتخاذه ذلك القرار. بينيتو موسوليني وعشيقته كلارا بيتاتشي ألقي القبض عليهما يوم 27 نيسان من قبل قوات الأنصار الإيطالية وتم إعدامهما يوم 29 نيسان وتم نقل جثمانيهما إلى ساحة عامة في مدينة ميلان حيث القيت الجثتان ليتم تعليقها لاحقا على عمود كهرباء في الشارع لتدفن الجثامين في أحد مقابر الفقراء في المدينة, نهاية شنيعة ومأساوية كان الزعيم النازي يحاول تجنبها.
هناك الكثير من الإشاعات التي دارت حول هروب هتلر من ألمانيا إلى دولة في أمريكا اللاتينية ترجح الإحتمالات أنها البرازيل أو الأرجنتين وأن إنتحاره كان تمثيلية شديدة الإتقان وأن الجمجمة التي أودعت أرشيف الإتحاد السوفياتي تعود لإمرأة وليس للزعيم النازي وأنه عاش عمرا مديدا مع زوجته إيفا براون وأنجبا طفلتين وأنه توفي طبيعيا بسبب أمراض الشيخوخة. ويقال أنه هروبه كان مقابل صفقة عقدت بينه وبين القوات الأمريكية يقوم بمقتضاها بتسليمها جميع أسرار ألمانيا العسكرية وكنوزها التي نهبتها القوات الألمانية خلال احتلالها لدول أوروبية منها فرنسا حيث نهبت القوات الألمانية نفائس متحف اللوفر وكنوزه التي لا تقدر بثمن, من الناحية التاريخية والقيمة المالية بالطبع. ولعل لذلك الأمر شواهده فقد حققت الولايات المتحدة في الحقبة التي تلت الحرب العالمية الثانية قفزة تكنولوجية هائلة بفضل المعلومات والأسرار التي استولت عليها القوات الأمريكية خلال معاركها في الأراضي الألمانية. كما أن العلماء الألمان, الذي قبض على بعضهم بينما فضَّل البعض الاخر تسليم نفسه للقوات الأمريكية بدل من أن يقع أسيرا لدى قوات الجيش الأحمر, قد ساهموا الى حد كبير في إكمال مشروع القنبلة الذرية التي كان هتلر يضعها ضمن أولوياته حيث وصل العلماء الألمان الى مستوى متقدم في إنجازها. كما أن تكنولوجيا محركات الصواريخ ومشاريع عسكرية أخرى معاصرة مثل طائرات الشبح(F-117 Nighthawk) هي مشاريع أمر هتلر بتنفيذها لإكمال مخططه لغزو بريطانيا في عقر دارها وإكمال سيطرته على القارة الأوروبية, القوات الأمريكية استولت على نماذج أولية لطائرة هورتن-هو 229 ورسوماتها البيانية.
يعتبر كتاب "صعود وسقوط الرايخ الثالث" مرجعية تاريخية موثقة لا غني عنها لأي شخص مهتم بتاريخ الحرب العالمية الثانية وتاريخ ألمانيا النازية وهتلر. الكتاب متوفر في اللغة الإنجليزية وترجمه الى العربية مشكورا المترجم جرجيس فتح الله في جزئين ونشرته دار ئاراس للنشر.
النهاية
No comments:
Post a Comment