هناك عدد قليل للغاية من الصحفيين الذين يعتبرون ممارسين للمهنة يهتمون بأن تعرف قرائهم الحقيقة ويؤمنون بذلك ومستعدين من أجل دفع حياتهم ثمنا. الصحفي الاستقصائي الأمريكي غاري ويب هو أحد أولئك الصحفيين الذي كان يعمل في صحيفة متواضعة في ولاية كاليفورنيا هي سان خوسيه ميركوري نيوز حيث فاز بعدة جوائز صحفية أحدها جائزة بوليتزر الرفيعة.
سنة ١٩٩٦ حيث كانت شبكة الإنترنت في بداياتها, نشرت صحيفة سان خوسيه ميركوري نيوز سلسلة من التقارير الصحفية التي قام بإعدادها الصحفي غاري ويب حول إنتشار الكراك(كوكائين) في مدينة لوس أنجلوس والذي تحول إلى ما يشبه الوباء خصوصا في الأحياء ذات غالبية السكان من الأمريكيين ذوي البشرة السوداء. مجموعة المقالات والتحقيقات نشرها غاري ويب في كتاب صدر سنة ١٩٩٨ عنوانه "Dark Alliance: The CIA, the Contras, and the Cocaine Explosion"
الصحفي غاري ويب فضح في تحقيقاته الصحفية أنَّ وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تورطت في التغطية على تجارة الكراك في لوس أنجلوس والتي إنتشرت الى مدن أمريكية أخرى وقدَّمت الحماية وتعاملت مع أشخاص لديهم سجل جنائي من قضايا الإتجار بالمخدرات وذلك مقابل إستخدام الأرباح في تمويل عصابات الكونترا الإجرامية في نيكاراغوا التي كانت تعمل على إسقاط الحكومة الشرعية التي كانت تتهمها الولايات المتحدة بانها شيوعية وذلك من خلال العمل المسلح.
الشخصيات الرئيسية المتورطة في تجارة المخدرات والتي كانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تحميها وتوفر لها التغطية هي: دانيلو بلاندون(DANILO BLANDÓN) مؤسس مكتب منظمة (FDN - THE FUERZA DEMOCRÁTICA NICARAGÜENSE) في لوس أنجلوس وهي أحد منظمات الكونترا في نيكاراغوا. دانيلو بلاندون تمكَّنَ من الهروب من نيكاراغوا عند سقوط نظام باتيستا والتي كانت أسرة بلاندون من أكبر داعميه. NORWIN MENESES والذي كان لقبه ملك المخدرات(The King of Drugs) في لوس أنجلوس وممثل تنظيم كالي الكولومبي الإجرامي في نيكاراغوا وهو مؤسس أكبر شبكة توزيع مخدرات في ولاية كاليفورنيا. كما أنه عمل مع عصابات الكونترا في نيكاراغوا خلال فترة الحرب بأكملها حيث كان يجند ويشتري السلاح ويجمع التمويل. ريكي روس(RICKY ROSS) وهو زعيم أول وأكبر منظمة إجرامية تعمل في توزيع مخدر الكراك في جنوب و وسط مدينة لوس أنجلوس.
نهاية غاري ويب كانت مؤلمة ومحزنة للغاية فقد تعرض الى حملة تشهير وتشويه سمعة شاركت فيها صحف رئيسية في الولايات المتحدة مثل لوس أنجلوس تايمز ونيويورك تاميز وغيرها. الصحيفة نفسها التي يعمل بها, سان خوسيه ميركوري, فصلته من عمله وتبرأت من مقالاته ونشرت إعتذارا. وقد غابت قضيته فترة عن الأضواء حتى عثر عليه متوفيا في شقته بتاريخ ١٠/١٢/٢٠٠٤ في حادثة وصفت بأنها إنتحار بإطلاق رصاصتين في الرأس ولكن الكثيرين يشكِّكون في الرواية الرسمية ويعتقدون أنه حادثة قتل مدبَّرة.
تحية الى روح الصحفي العظيم غاري ويب
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية