Flag Counter

Flag Counter

Friday, March 25, 2022

من يجرؤ على الكلام

الحقيقة أنني لم أسمع بممثل ولاية الينوي في الكونغرس الأمريكي لمدة ٢٢ سنة النائب بول فيندلي إلا صدفة حين وقع نظري على كتاب "من يجرُؤ على الكلام" الذي يتمحور حول اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ومؤسساتها التشريعية وكيف يمارس ذلك اللوبي عمله ويحكم سيطرته على البيت الأبيض والكونجرس ومجلس الشيوخ. وقد لفت نظري في الكتاب حادثتين مهمتين توضحان بجلاء للقارئ مدى تغلغل اللوبي الصهيوني الذي تمثله منظمة أيباك بشكل رئيسي في الولايات المتحدة.

 الحادث الأول أنه خلال حرب ١٩٧٣, تم تزويد دولة الكيان الصهيوني بدبابات لها مدافع من عيار ٩٠ ملم بدلا من ١٥٠ ملم حيث يوجد نقص في ذلك النوع من الدبابات في الجيش الأمريكي. ولكن تبين أن الجيش الأمريكي بعد إجراء مراجعة دقيقة أنه لا يحوز تلك النوعية من الذخيرة عيار ٩٠ ملم وقد أخبروا الجانب الإسرائيلي بذلك. وقد آتاهم الرد بأنه الولايات المتحدة تمتلك ١٥ ألف قذيفة من ذلك النوع في مستودع مشاة البحرية في هاواي حيث ذهل المسؤولون في الجيش الأمريكي من دقة تلك المعلومات. والحادثة الثانية أن المفكر والكاتب نعوم تشومسكي قد تسَّربَ اليه ملف من مائة صفحة يحتوي معلومات تفصيلية عنه وعن جميع المحاضرات التي القاها في الولايات المتحدة وجميع الإقتباسات التي من الممكن إستخدامها ضده. وربما قد يكون تسريب الملف متعمدا, محاولة للترهيب, ولكن ذلك يثير التساؤل عن جهاز أمني موازي في الولايات المتحدة تديره المنظمات الصهيونية ويتفوق على الأجهزة الأمنية الأمريكية بل يتجسس عليها ويسرق الأسرار العسكرية الحساسة.

الأمريكي جوناثان بولارد الذي تلقى حكما بالسجن المؤبد سنة ١٩٨٦ بسبب قيامه بنقل معلومات حساسة إلى دولة الكيان الصهيوني حيث كان يعمل محلل استخبارات في البحرية الأمريكية. وقد برز الى السطح مؤخرا فضيحة تجسس على مكتب الرئيس دونالد ترامب وزرع أجهزة تنصت في مكتبه الأمر الذي تم نفسه. كما أن هناك الكثير من الأقاويل حول صهر الرئيس ترامب اليهودي جاريد كوشنر الذي يقوم بنقل ما يدور في مكتب الرئيس أولا بأول الى دولة الكيان الصهيوني. لوبيات الضغط الصهيونية في الولايات المتحدة أثارت مشاكل بسبب الحكم على جوناثان بولارد مقارنة بأحكام أخرى سابقة صدرت على جواسيس تم القبض عليهم في الولايات المتحدة وكانت الأحكام مخففة. تهمة معاداة السامية بسبب إعتناق جوناثان بولارد الديانة اليهودية تم ترديدها باستمرار.

إن سيطرة لوبيات الضغط الصهيونية في الولايات المتحدة امتدت إلى الجامعات والمعاهد والكليات حيث يتم تدريب طلاب يهود وأمريكان متعاطفين مع دولة الكيان الصهيوني على رصد أي خطاب أو محاضرة أو عبارة يتفوه بها أستاذ أكاديمي وتكون معادية لدولة الكيان الصهيوني. مجلة خريجي جامعة بيركلي نشرت عدد من المقالات في عدد نيسان/١٩٨٢ تنتقد رئيس وزراء اسرائيل مناحيم بيغن حيث بدأت المجلة تتلقى مكالمات مزعجة استمرت عدة أسابيع ثم تم إتهام المجلة بأنها تعادي السامية. ولكن المفاجأة أن رئيس تحرير المجلة كان يهوديا. وعلى الرغم من ذلك استمرت المضايقات وتم تقليص تمويل المجلة حتى استقال رئيس التحرير ومعه عدد كبير من العاملين في المجلة. وفي شباط/١٩٨٣, نشرت مجلة جامعة أريزونا توسان الطلابية مقالا حول وزير الدفاع الإسرائيلي آرييل شارون ووصفته بأنه جزار بيروت ومجرم حرب وقارنت شارون مع مجرم الحرب الألماني كلاوس باربي الذي يلقب (جزار ليون). أقارب كلاوس باربي الذي كانت معلومات الإتصال الخاصة بهم مدرجة في دليل الهاتف تلقوا إتصالات فيها نبرة تهديد. كما أنَّ مدير تحرير المجلة تلقى إتصالا تم تهديده بالقتل مما دفعه الى الاعتذار في عدد المجلة التالي.

الحقيقة أن الكتاب يعتبر من أهم الكتب التي صدرت عن تغلغل اللوبي الصهيوني في المؤسسات السياسية والتشريعية الأمريكية وآلية عمله وهو كتاب لا غنى عنه للباحثين أو هواة القرائة ممن يرغبون في الإطلاع على معلومات تفصيلية وموثقة حيث أن بول فندلي كان نائبا في الكونغرس الأمريكي مدة ٢٢ سنة وعضوا في عدد من اللجان التي تبحث في أمور الشرق الأوسط والأمور الحساسة الأخرى.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية







No comments:

Post a Comment

الحرب عبارة عن خدعة(War is A Racket)

كان سميدلي دارلنجتون بتلر(١٨٨١-١٩٤٠) أكثر ضباط الجيش الأمريكي حصولا على الأوسمة بلغ عددها ١٦ وساما خمسة منها للأعمال البطولية وكان واحدا من ...