جون بركنز هو عالم إقتصاد وكاتب وناشط سياسي أمريكي مؤلف كتاب "Confessions of an Economic Hitman" والذي ترجم الى العربية بعنوان "الاغتيال الاقتصادي للأمم" وكان سبب شهرته بسبب طبيعة عمل المؤلف مستشارا اقتصاديا في شركة هندسية أمريكية تدعى (مين-MAIN) مهمته إعداد دراسات مضللة من أجل مشاريع البنية التحتية في سبيل إقناع المسؤولين الحكوميين في بلدان العالم الثالث بقبول قروض من الولايات المتحدة ومؤسسات مالية دولية وإغراق تلك البلدان في الديون.
القتلة الاقتصاديين هم خبراء محترفون مهمتهم سلب مئات الملايين من الدولارات من دول العالم الثانية والدول النامية من خلال القروض والمساعدات التي تصب في خزائن الشركات الأمريكية التي تقوم ببناء مشاريع بنية تحتية من جسور ومحطات توليد كهرباء من خلال تقارير مالية مصطنعة يتم تضخيمها من أجل زيادة الأرباح باستخدام أساليب غير قانونية منها الرشوة, الجنس, تزوير الإنتخابات والقتل وربما الغزو العسكري المباشر إن لم تنجح الوسائل السابقة.
قبل أن يتم إرسال جون بركنز في أولى مهماته إلى دول مثل الإكوادور وأندونيسيا, تلقى نصائح من مستشار خاص في الشركة تدعى كلودين والتي كانت مسؤولة عن تدريبه وتلقينه التعليمات المناسبة حول ما يتوجب عليه فعله أثناء مهمته. إن أهداف المهمة التي تم تكليف جون بركنز يمكن تلخيصها في أمرين اثنين: أولا, اختلاق مبررات القروض الضخمة التي سوف تعيد ضخ الأموال إلى شركة MAIN وشركات هندسية أخرى من خلال مشروعات هندسية وبنية تحتية ضخمة. ثانيا, العمل على إفلاس تلك الدول التي قبلت الوقوع في فخ القروض بحيث تبقى تلك البلاد مدينة الى الأبد ويتم وابتزازها مقابل مواقف سياسية معينة مثل التصويت في الأمم المتحدة أو إقامة قواعد عسكرية.
الولايات المتحدة لم تكن تدعم إلا الأنظمة الشمولية وتحارب الدول الديمقراطية التي تقبل بسهولة عملية سيطرة الشركات الأمريكية على الثروات الطبيعية خصوصا النفط. دول مثل فنزويلا, غواتيمالا وبنما الغنية بمواردها ولكنها عاجز عسكريا وتعاني من التدخل المستمر في شؤونها من دول مثل الولايات المتحدة. الإكوادور, أحد دول أمريكا اللاتينية دفعت الى الإفلاس. خلال ثلاثين سنة، زادت فيها حدة الفقر والبطالة إلى ٧٠% مقارنة بنسبة ٥٠% و ١٥% على التوالي. وقد ترافق ذلك مع تزايد الدين العام من 240 مليون دولار إلى 16 مليار دولار.
الكتاب هو أحد أفضل الكتب التي قرأتها في ذلك المجال, إنه يروي قصة حقيقية حتى أدق التفاصيل التي في ذاكرة المؤلف حول تفاصيل المهمات التي تم تكليفه بها في عدة دول حول العالم. من الجيش الأمريكي في العراق إلى تطوير البنية التحتية في إندونيسيا ، ومن متطوعي فيلق السلام في إفريقيا إلى ابن آوى(فرق الاغتيال) في فنزويلا ، يكشف بيركنز عن مؤامرة فساد غذت عدم الاستقرار والمناهضة لأمريكا في جميع أنحاء العالم وانعكاس ذلك في عناويننا اليومية. وبعد أن أثار التحذير، يعالج بيركنز بحماس كيف يمكن للأميركيين العمل من أجل خلق عالم أكثر سلاما واستقرارًا للأجيال القادمة. الكتاب من منشورات سنة 2005 حيث لقي الكاتب صعوبة في إيجاد دار نشر تقبل به ولذلك لن تجدوا إستعراض للكتاب في وسائل الإعلام الرئيسية على الرغم من النجاح الواسع وترجمته الى 30 لغة منها العربية.
ولكن يقتضي التنويه أنه هناك نسخة أحدث من الكتاب صدرت سنة 2016 "The New Confessions of an Economic Hit Man" حيث يحتوي على 15 فصلا جديدا والكثير الكثير من التفاصيل والمعلومات التي يكشفها المؤلف لأول مرَّة.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment